ش: هذا الحد للقاضي أبي بكر.
فقوله: (الفكر) جنس، والمراد به الفكر الذي يعد في خواص الإنسان، وهو حركة الذهن في المعقولات، أي حركة كانت، سواء في محسوس وهو المتخيل، أو في خلافه، وليس المراد به الفكر المرادف للنظر، لأنه ليس أظهر منه حتى يفسر به، ولأنه لو أراده لم يقيده بما قيده به.
وقوله: (المؤدي إلى علم أو ظن) فصل خرج به ما لا يؤدي لذلك، وهو الحدس، ودخل في إطلاق العلم التصور والتصديق، وأما الظن فلا يتناول إلا التصديق، ويسمى الأول دليلاً/ (9ب/ د) والثاني أمارة.
ص: والإدراك بلا حكم تصور، وبحكم تصديق، وجازمه الذي لا يقبل التغير علم كالتصديق، والقابل اعتقاد صحيح إن طابق فاسد إن لم يطابق، وغير الجازم ظن ووهم وشك، لأنه إما راجح أو مرجوح أو مساو.
ش: إدراك الماهية من غير حكم عليها يسمى تصوراً، ومع الحكم يسمى تصديقاً، لكن هل التصديق مجموع الأمرين، أو الحكم وحده؟ ذهب الإمام فخر الدين إلى الأول، وقال الشيخ تقي الدين: إنه أقرب.
ثم قسم المصنف الإدراك مع الحكم إلى جازم وغيره، فالجازم إن لم يقبل التغير ـ أي لا في نفس الأمر، ولا بالتشكيك ـ فهو العلم، وإن قبل التغير فهو اعتقاد، ثم إن طابق الواقع فهو اعتقاد صحيح، وإن لم يطابق فهو اعتقاد فاسد، وأما غير الجازم فهو منقسم إلى ظن ووهم وشك، لأنه إما أن يترجح أحد طرفيه أو لا، بل يتساويان، فإن ترجح أحدهما فالراجح ظن، والمرجوح وهم، وإن تساويا يسمى كل منهما شكا، هذه طريقة الأصوليين.