تَعَيُّنِ الفَرْعِ ـ وهو كونُه مسلِمًا ـ مَانعٌ من وُجُوبِ القصَاصِ عَلَيْهِ لشرفِه بِالإِسلاَمِ.

وذَكَرَ المُصَنِّفُ أَنَّ القَدْحَ بِذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى المُعَارضَةِ فِي الأَصْلِ أَو الفَرْعِ، فحكمُه فِي الرَّدِّ وَالقبولِ حكمُه.

وَاستغنَى المُصَنِّفُ بِذَلِكَ عَن تعريفِه، وعن جوَابِ المُسْتَدِلِّ عَنْهُ لتقدُّمِ ذَلِكَ فِي عدمِ التّأَثيرِ.

وذهَبَ كثيرٌ مِنَ المتقدِّمِينَ إِلَى أَنَّهُ معَارضَةٌ فِي الأَصْلِ وَالفَرْعِ معًا، حتَّى لو اقْتَصَرَ علَى أَحَدِهِمَا لاَ يَكُونُ فَرْقًا، وفِي قبولِه قولاَنِ:

أَصحُّهُمَا قبولُه، وأَنَّهُ قَادِحٌ؛ لأَنَّهُ علَى أَيِّ وَجْهٍ ورَدَ يُوهِنُ غَرَضَ المُسْتَدِلِّ مِنَ الجمعِ، ويبطُلُ مقصودُه، وَحَكَاهُ إِمَامُ الحَرَمَيْنِ عَن جمَاهيرِ/ (187/ب/م) الفقهَاءِ.

وقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (المُلَخَّصِ) إِنَّهُ أَفقَهُ (152/ب/د) شَيْءٍ يجري فِي النَّظَرِ، وَبِهِ يُعْرَفُ فقهُ المسأَلةِ وَالثَّانِي: أَنَّهُ مردودٌ لاَ يقدَحُ، وعَزَاهُ ابنُ السَّمْعَانِيُّ للمحقِّقِينَ، وذكَرَ البَيْضَاوِيُّ أَنَّ الخِلاَفَ فِي النوعِ الأَوَّل مبنيٌّ علَى الخِلاَف فِي جَوَازِ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ، فإِنْ جَوَّزْنَاه فهو غَيْرُ قَادِحٍ لجوَازِ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ المُسْتَدِلُّ- وهو مُطْلَقُ خروجِ النّجَاسَةِ فِي مِثَالِنَا- عِلَّةً، ومَا ذَكَرَهُ المُعْتَرِضُ وهو خروجُ النّجَاسةِ مِنَ السّبيلينِ عِلَّةٌ أُخْرَى، وإِنْ مَنَعْنَا كَانَ قَادِحًا، وأَنَّ الخِلاَفَ فِي النوعِ الثَّانِي مَبْنِيٌّ علَى الخِلاَفِ فِي النَّقْضِ إِذَا كَانَ لِمَانعٍ هَلْ يَقْدَحُ فِي العِلِّيَّةِ أَمْ لاَ؟

فإِن قُلْنَا: لاَ يقدَحُ، فهذَا كذلك؛ لأَنَّ الوَصْفَ الذي ادَّعَى المُسْتَدِلُّ عِلِّيَّتَهُ لمَا وُجِدَ فِي الفَرْعِ وتَخَلَّفَ فِيهِ الحُكْمُ لِمَانِعٍ قَامَ بِهِ فهذَا نقضٌ لمَانِعٍ، فِيقدحُ عِنْدَ القَائلِ بِالقدحِ بِالنقضِ لمَانعٍ وإِلاَّ فلاَ، فَيَكُونُ المُخْتَارُ عِنْدَ البَيْضَاوِيِّ قدحُ النّوعِ الأَوَّلِ فِي المُسْتَنْبَطَةِ دُونَ المَنْصُوصَةِ، وعدمُ قدحِ النوعِ الثَّانِي مُطْلَقًا، لاخْتِيَارِه جَوَازَ التَّعْلِيلِ بِعِلَّتَيْنِ فِي المُسْتَنْبَطَة دُونَ المَنْصُوصَةِ، وأَن النَّقْضَ لمَانعٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015