عَنْ دَرَجَةِ الاعْتِبَارِ، إِمَّا لأَنَّهُ طَرْدِيٌّ، أَوْ لِثُبُوتِ الحُكْمِ مَعَ بَقِيَّةِ الأَوصَافِ بِدُونِه، ويُنَاطُ بِالبَاقِي كتَعْيِينِ جِمَاعِ المُكَلَّفِ لاعْتِبَارِ الكَفَّارَةِ بِالأَوصَافِ المَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ الوِقَاعِ مِنْ كَوْنِه أَعْرَابِيًّا وكونُ المَوْطُوءَةِ زَوْجَةً، وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ الأَوصَافِ الطَّرْدِيَّةِ.
وَقَدْ قَالَ بتَنْقِيحِ المَنَاطِ أَكثَرُ مُنْكِرِي القِيَاسِ حتَّى إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لاَ يَقُولُ بِالقِيَاسِ فِي الكفَارَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَسْتَعْمِلُ تَنْقِيحَ المَنَاطِ فِيهَا، ويُسَمِّيهِ اسْتِدْلاَلاً.
قَالَ ابْنُ التِّلْمِسَانِيِّ: وَاعْتِرَافُ مُنْكِرِي القِيَاسِ بِهِ بِنَاءً علَى أَنَّ النَّصَّ علَى التَّعْلِيلِ نَصٌّ علَى التَّعْمِيمِ.
ص: أَمَّا تَحْقِيقُ المَنَاطِ فإِثبَاتُ العِلَّةِ فِي آحَادِ صُوَرِهَا كتَحْقِيقِ أَنَّ النَّبَّاشَ سَارِقٌ وتَخْرِيجُه مَرَّ.
ش: تَنْقِيحُ المَنَاطِ وتَحْقِيقُ المَنَاطِ وتَخْرِيجُ المَنَاطِ مُتَقَارِبَةٌ فِي اللَّفْظِ، فَقَدْ تَشْتَبِه مَعَانِيهَا.
أَمَّا تَنْقِيحُ المَنَاطِ فَقَدْ عَرَفْتَه.
وأَمَّا تَحْقِيقُ المَنَاطِ فهو إِثْبَاتُ العِلَّةِ المُتَّفَقِ عَلَيْهَا فِي الصُّورَةِ المُتَنَازَعِ فِيهَا، فَالتَعْلِيلُ بِهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالقَصْدُ بَيَانُ وُجُودِهَا/ (177/أَ/م) فِي الفَرْعِ، ـ كتَحْقِيقِ أَنَّ النَّبَّاشَ سَارِقٌ، فإِنَّ عِلَّةَ قَطْعِ السَّارِقِ أَخْذُ المَالِ خِفْيَةً، وهو مَوْجُودٌ فِيه.
وأَمَّا تَخْرِيجُ المَنَاطِ فَقَدْ مَرَّ فِي المُنَاسَبَةِ، وهو الاجْتِهَادُ فِي اسْتِنْبَاطِ عِلَّةِ الحُكْمِ بِطَرِيقٍ دَالَّةٍ علَى ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((لاَ تَبِيعُوا البُرَّ بِالبُرِّ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ)) فَاسْتَنْبَطَ المُجْتَهِدُ أَنَّ العِلَّةَ الطَّعْمُ، فكأَنَّه أَخْرَجَ العِلَّةَ من خَفَاءٍ، وفِي تَنْقِيحِ المَنَاطِ هي مَذْكُورَةٌ فِي النَّصِّ فلَمْ يَسْتَخْرِجْهَا