لاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ، كَذَا حَكَاهُ عَنْهُ المُصَنِّفُ وَغَيْرُه، لكِنَّ الذي فِي (مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ) له: أَنَّهُ إِلْحَاقُ فَرْعٍ بِأَصْلٍ، لِكَثْرَةِ أَشْبَاهِهِ للأَصْلِ فِي الأَوصَافِ مِنْ غَيْرِ أَن يُعْتَقَدَ أَنَّ الأَوصَافَ التي تَشَابَه الفَرْعُ فِيهَا الأَصْلَ عِلَّةٌ لحُكْمِ الأَصْلِ.

ولاَ يُصَارُ إِلَى الأَخْذِ به/ (175/أَ/م) مَعَ إِمكَانِ قِيَاسِ العِلَّةِ كَمَا حكَى القَاضِي أَبُو بَكْرٍ إِجْمَاعَ النَّاسِ عَلَيْه.

فإِنْ تَعَذَّرَ قِيَاسُ العِلَّةِ فَاخْتُلِفَ فِي العَمَلِ بقِيَاسِ الشَّبَه، فحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ حُجَّةٌ.

قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: أَشَارَ إِلَى الاحْتِجَاجِ بِهِ فِي موَاضِعَ مِنْ كُتُبِه، كَقَوْلِهِ فِي إِيجَابِ النِّيَّةِ فِي الوُضُوءِ كَالتَّيَمُّمِ: طَهَارَتَانِ، فَكَيْفَ تَفْتَرِقَانِ؟!

ورَدَّه القَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالصَّيْرَفِيُّ وأَبُو إِسْحَاقَ المَرْوَزِيُّ وأَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، ونَازَعَ فِي صِحَّةِ القَوْلِ بِهِ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وقَالَ: إِنَّمَا أَرَادَ تَرْجِيحَ إِحدَى العِلَّتَيْنِ فِي الفَرْعِ لكَثْرَةِ الشَّبَهِ.

ثُمَّ إِنَّ لقِيَاسِ الشَّبَهِ مَرَاتِبُ: أَعْلاَهَا قِيَاسُ عِلَّةِ الأَشبَاهِ فِي الحُكْمِ وَالصِّفَةِ، وهو أَنْ يَتَرَدَّدَ الفَرْعُ بَيْنَ أَصْلَيْنِ ويُشْبِه أَحَدَهُمَا فِي أَكثرِ الأَحكَامِ فَيُلْحَقُ بِهِ، وعَلَيْه اعْتَمَدَ الشَّافِعِيُّ فِي إِيجَابِ قِيمَةِ العَبْدِ إِذَا أُتْلِفَ، بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، لِشَبَهِه/ (143/أَ/د) فِي أَكثرِ أَحْكَامِه بِالأَموَالِ، وشَبَهِه بِالأَحرَارِ قَلِيلٌ.

ويَلِيهِ الشَّبَهُ الصُّورِيُّ كقِيَاسِنَا الخَيْلَ علَى البِغَالِ وَالحَمِيرِ فِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ، وقِيَاسِهِمْ فِي تَحْرِيمِ اللَّحْمِ.

وقَالَ الإِمَامُ فِي (المَحْصُولِ): المُعْتَبَرُ حُصُولُ المُشَابَهَةِ فِيمَا يُظَنُّ أَنَّهُ عِلَّةُ الحُكْمِ أَو يَسْتَلْزِمُ عِلَّتَه، سَوَاءً كَانَ فِي الصُّورَةِ أَوِ الحُكْمِ، عَمَلاً بمُقْتَضَى الظَّنِّ، وظَاهِرُ كَلاَمِ المُصَنِّفِ أَنَّ هذه المَرَاتِبَ للقَائِلِينَ بحُجِّيَّتِه.

ويُرَدُّ عَلَيْهِ أَن الشَّافِعِيَّ لاَ يَقُولُ بِالشَّبَه الصُّورِيِّ كَمَا بَيَّنَه ابْنُ بُرْهَانَ وَغَيْرُه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015