وَقَوْلُهُ: (مِنْ حُصُولِ مَصْلَحَةٍ أَو دَفْعِ مَفْسَدَةٍ) بيَانٌ لِمَا فِي (مَا يَصْلُحُ) ثُمَّ فَرَّعَ المُصَنِّفُ علَى هذَا التَّعْرِيفِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الوَصْفُ خَفِيًّا أَو غَيْرَ مُنْضَبِطٍ اعْتُبِرَ مُلاَزِمُه، وهو وَصْفٌ ظَاهِرٌ مُنْضَبِطٌ مُلاَزِمٌ للوَصْفِ الخَفِيِّ، وهو المَظِنَّةُ، أَي مَظِنَّةُ المُنَاسِبِ كَالسَّفَرِ، فإِنَّه مُلاَزِمٌ لِلْمَشَقَّةِ، لكنَّ اعْتبَارَهَا مُتَعَذَّرٌ، لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا، فَنِيطَ التَّرْخُّصُ بِمُلاَزِمِهَا وهو السَّفَرُ.

ص: وَقَدْ يَحْصُلُ المَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الحُكْمِ يَقِينًا أَو ظَنًّا كَالبَيْعِ وَالقِصَاصِ وَقَدْ يَكُونُ مُحْتَمَلاً سَوَاءً كَحَدِّ الخَمْرِ أَو نَفْيُه أَرْجَحُ كنِكَاحِ الآيِسَةِ للتَّوَالُدِ وَالأَصَحُّ جَوَازُ التَّعْلِيلِ بَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ كَجَوَازِ القَصْرِ لِلْمُتَرَفِّهِ، فإِنْ كَانَ فَائِتًا قَطْعًا فقَالتِ الحَنَفِيَّةُ، يُعْتَبَرُ وَالأَصَحُّ لاَ يُعْتَبَرُ سَوَاءً مَا لاَ تَعَبُّدَ فِيهِ كَلُحُوقِ نَسَبِ المَشْرِقِيِّ بِالمَغْرِبِيَّةِ ومَا فِيهِ تَعَبُّدٌ كَاسْتِبْرَاءِ جَارِيَةٍ اشْتَرَاهَا بَائِعُهَا فِي المَجْلِسِ.

ش: لِحُصُولِ المَقْصُودِ مِنْ شَرْعِ الحُكْمِ مَرَاتِبُ:

أَحَدُهَا: أَن يَحْصُلَ يَقِينًا كَالبَيْعِ، فإِنَّه إِذَا صَحَّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَقْصُودُه مِنْ حِلِّ الانْتِفَاعِ يَقِينًا.

الثَّانِي: أَنْ يَحْصُلَ ظَنًّا كَالقِصَاصِ، فإِنَّ حُصُولَ الانْزِجَارِ بِهِ عَنِ القَتْلِ لَيْسَ قَطْعِيًّا لإِقدَامِ كَثِيرٍ علَى القَتْلِ مَعَ وُجُودِ القِصَاصِ، وَذَكَرَ المُصَنِّفُ مِثَالَهُمَا مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ المُرَتَّبِ.

وظَاهِرُ كَلاَمِه الاتِّفَاقُ علَى اعْتِبَارِهِمَا تَفْرِيعًا علَى القَوْلِ بِالمُنَاسَبَةِ، وهو كذلك.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مُحْتَمِلاً احْتِمَالاً مُسْتَوِيًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015