وقد أورد عليه حينئذ أنه يتناول المجتهد الواحد إذا لم يكن في العصر سواه، والمختار أنه ليس إجماعا، وأجيب عنه بخروج هذه الصورة/ (142/ب/م) بلفظ الاتفاق، فإنه إنما يكون من اثنين فصاعدا وخرج بإضافة المجتهد للأمة اتفاق الأمم السالفة فليس حجة على الأصح، وعلى القول بأنه حجة فالكلام فيما هو حجة الآن، وتلك حجة انقرضت.
والألف واللام في الأمة للعهد، والمراد هذه الأمة، وخرج بالوفاة الإجماع في عصره عليه الصلاة والسلام فإنه لا ينعقد، ودل بقوله: (في عصر) على أنه يكفي اتفاق المجتهدين في عصر من الأعصار، ثم يصير حجة عليهم وعلى من بعدهم، ودفع به توهم إرادة اجتماع كلهم في جميع الأعصار إلى يوم القيامة.
وهذا من زيادة الآمدي، وأجاب من لم يذكره بأن المقصود العمل وإنما يكون في عصر.
وقوله: (على أي أمر كان) يعم الإثبات والنفي والأحكام الشرعية واللغوية، والعقلية، والدنيوية، فهي حجة فيها كما جزموا به في الأولين، ورجحوه في الآخرين.
وأدخل المصنف على أمر صيغة عموم ولم يفعل ذلك في عصر تأكيدا للتعميم في الأمر، فإنه قد يتخيل الفرق بين بعض الأمور/ (117/ب/د) وبعض، كما منع بعضهم الإجماع في العقليات وفيما أصله أمارة، ولا يتخيل الفرق بين عصر وعصر، ولا يقال: لولا اختلاف الأعصار لما اختص الإجماع بأعصار هذه الأمة وبعصر الصحابة عند القائل به، لأن ذلك ليس لاختلاف الأعصار بل لاختلاف أهلها، ولذلك لو كان بين الصحابة تابعي مجتهد لم يعتد بخلافه من يخص الإجماع بالصحابة، مع أنه في عصرهم، هذا معنى كلام المصنف في انفصاله عن سؤالين والله أعلم.