خطاب لا حكم، لم يكن الحكم إلا لله تعالى، خلافاً للمعتزلة في دعواهم أن العقل يدرك الحكم بالحسن والقبح، فهو عندهم طريق إلى العلم بالحكم الشرعي، فهم لم يجعلوا لغير الله حكماً، بل قالوا: إنه يمكن إدراك حكمه بالعقل من غير ورود سمع، وعبارة المصنف توهم خلاف ذلك، و (ثم) هنا للمكان المجازي.
ص: والحسن والقبح بمعنى ملاءمة الطبع ومنافرته، وصفة الكمال والنقص عقلي، وبمعنى ترتب الذم عاجلاً، والعقاب آجلاً شرعي، خلافاً للمعتزلة.
ش: الحسن والقبح يطلق بثلاث اعتبارات:
أحدها: ما يلائم الطبع وينافره، كقولنا: إنقاذ الغريق حسن، واتهام البريء قبيح.
والثاني: صفة الكمال والنقص، كقولنا: العلم حسن، والجهل قبيح، وهو بهذين الاعتبارين عقلي بلا خلاف، أي: إن العقل يستقل بإدراكهما من غير توقف على الشرع.
والثالث: ما يوجب المدح أو الذم الشرعي عاجلاً، والثواب أو العقاب آجلاً، وهو موضع الخلاف.
فالمعتزلة قالوا: هو عقلي أيضاً، أي: يستقل العقل بإدراكه،
وقال أهل السنة: هو شرعي.
أي: لا يعرف إلا بالشرع.