أولاً وما يجب عليه من الأدب مع الشيخ ثانيًا وما يجب على الشيخ في تأديب المريد
فالذي يجب على المريد المبتدي في هذه الطريقة:
الاعتقاد الصحيح الذي هو الأساس، فيكون على عقيدة السلف الصالح أهل السنة القديمة سنة الأنبياء والمرسلين، الصحابة والتابعين، والأولياء والصديقين على ما تقدم ذكره وشرحه في أثناء الكتاب.
فعليه بالتمسك بالكتاب والسنة والعمل بها أمرًا ونهيًا، أصلاً وفرعًا، فيجعلهما جناحيه يطير بهما في الطريق الواصل إلى الله عز وجل، ثم الصدق في الاجتهاد، حتى يجد الهداية، والإرشاد إليه والدليل، وقائدًا يقوده، ثم مؤنسًا يؤنسه، ومستراحًا يستريح إليه في حالة إعيائه ونصبه وظلمته عند ثوران شهواته ولذاته وهنات نفسه وهواه المضل، وطبعه المجبول على التثبط والتوقف عن السير في الطريق قال الله عز وجل: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} [العنكبوت: 69] وقال الحكيم: من طلب وجدَّ وَجَدَ.
فبالاعتقاد يحصل له علم الحقيقة، وبالاجتهاد يتفق له سلوك الطريقة.
ثم يجب عليه أن يخلص مع الله عز وجل عهدًا بأن لا يرفع قدمًا في طريقه إليه، ولا يضعها إلا بالله ما لم يصل إلى الله، فلا ينصرف عن قصده بملامة مليم لأن الصادق لا يرجع، ولا يوجد كرامة فلا يقف معها ويرضى بها عن الله عز وجل عوضًا، إذ هي حجابه عن ربه ما لم يصل إليه عز وجل، فإذا حصل الوصول لا تضره الكرامات، إذ هي من باب القدرة وثمراتها وعلاماتها، ووصوله إلى الحق عز وجل من القدرة، فلا ينقض الشيء نفسه، وكيف وقد يصير هو حينئذ قدوة في الأرض وخرق عادة، وكلامه حكمة بالغة من بعد جهل وعجمة وبلادة وقصور، وحركاته وسكناته وتصاريفه عبرة لمن اعتبرها، وأفعال الله تجري فيه وعليه مما يبهر العقول، ثم قد يؤمر حسنئذ بطلب الكرامة ويجبر عليه، وتحقق عنده أن دماره وهلاكه في ترك الطلب