النعم، وادفع به عنا النقم، واجعلنا به عند الجزاء من الفائزين، وعند النعماء من الشاكرين، وعند البلاء من الصابرين، ولا تجعلنا ممن استهوته الشياطين، فشغلته بالدنيا عن الدين، فأصبح من الخاسرين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم لا تجعل القرآن بنا ماحلاً، ولا الصراط بنا زائلاً، ولا بنبينا وسيدنا وسندنا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- في القيامة عنا معرضًا ولا موليًا، اجعله لنا شافعًا مشفعًا، وأوردنا حوضه واسقنا بكأسه مشربًا رويًا هنيًا لا نظمأ بعده أبدًا، غير خزايا ولا ناكثين، ولا جاحدين ولا مغضوب علينا، ولا ضالين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم انفعنا بالقرآن الذي رفعت مكانه وثبت أركانه، وأيدت سلطانه وبينت بركاته وجعلت اللغة العربية الفصيحة لسانه، وقلت يا عز من قائل سبحانه. {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه* ثم إن علينا بيانه} [القيامة: 18 - 19]. أحسن كتبك نظامًا، وأوضحها كلامًا وأبينها حلالاً وحرامًا، محكم البيان، ظاهر البرهان محروس من الزيادة والنقصان، فيه وعد ووعيد وتخويف وتهديد {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [فصلت:42].
اللهم فأوجب لنا به الشرف والمزيد، وألحقنا بكل بر سعيد، واستعملنا في العمل الصالح الرشيد، إنك أنت القريب المجيب، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم فكما جعلتنا به مصدقين، ولما فيه محققين، فاجعلنا بتلاوته منتفعين، وإلى لذيذ خطابه مستمعين، وبما فيه معتبرين، ولأحكامه جامعين، ولأوامره ونوهيه خاضعين، وعند ختمه من الفائزين، ولثوابه حائزين، ولك في جميع شهودنا ذاكرين، وإليك في جميع أمورنا راجعين، واغفر لنا في ليلتنا هذه أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعلنا من الذين حفظوا للقرآن حرمته لما حفظوه، وعظموا منزلته لما سمعوه، وتأدبوا بآدابه لما حضروه، والتزموا حكمه لما فارقوه، وأحسنوا جواره لما جاوروا، وأرادوا بتلاوته وجهك الكريم والدار الآخرة، فوصلوا به إلى المقامات الفاخرة، واجعلنا به ممن في درج الجنان يرتقي، وبنبيه -صلى الله عليه وسلم- يوم عرضه راض عنه يلتقي، فالمتشفع إليك بالقرآن غير شقى برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعلها ختمة مباركة على من قرأها وحضرها وسمعها وأمن على دعائها،