جنة عدن، خلق فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ثم قال لها: تكلمي، فقالت: {قد أفلح المؤمنون} [المؤمنون: 1] ثلاثاً، ثم قالت: إني حرام على كل بخيل ومراء".
وسأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فيم النجاة غداً؟ قال: لا تخادع الله تعالى، قال: وكيف أخادع الله عز وجل؟ قال: أن تعمل بما أمرك وتريد به غير وجه الله تعالى، قال: فاتقوا الرياء فإنه الشرك بالله تعالى، فإن المرائي ينادي يوم القيامة بأربعة أسماء على رؤوس الخلائق: يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر، ضل عملك وبطل أحرك، فلا خلاق لك اليوم، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له يا مخادع".
فتعوذ بالله من الرياء والسمعة والنفاق، فإن ذلك عمل أهل النار، قال الله عز وجل: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} [النساء: 145] يعني في الهاوية مع فرعون وهامان وقومهما.
فإن قيل: قد جاء في بعض الأخبار ما يدل على أن رؤية الخلق للعمل لا تضر، وهو ما روى عن وكيع عن سفيان عن حبيب عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إني أعمل العمل أسره، فيطلع عليه فيعجبني، ألى فيه أجر؟ فقال: لك أجران أجر السر وأجر العلانية".
قيل: هذا محمول على أن ذلك الرجل كان يعجبه اقتداء الناس به في عمله، وعلم ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منه، فقال له: لك أجران أجر لعملك، وأجر لاقتداء الناس بك، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ... " الحديث إلى آخره.
وأما إذا تجرد العجب من الاقتداء به، فإنه لا أجر له، لأن العجب يسقط العبد من عين الله.
وقال الحسن البصري رحمه الله: إذا شئت لقيت أبيض بيضاء ذليق اللسان، حديد النظر، ميت القلب، ترى أبداناً ولا قلوب، وتسمع الصوت ولا أنيس، أخصب ألسنة