من الله تعالى للعبد في هذا الشهر.
وهو شهر تفتح فيه الخيرات، وتنزل فيه البركات، وتترك فيه الخطيئات، وتكفر فيه السيئات، وتكثر فيه الصلوات على محمد -صلى الله عليه وسلم- خير البريات.
وهو شهر الصلاة على النبي المختار، قال الله تعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا} [الأحزاب: 56].
فالصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الشفاعة والاستغفار ومن المؤمنين الدعاء والثناء.
وقال مجاهد رحمه الله: الصلاة من الله التوفيق والعصمة، ومن الملائكة العون والنصرة، ومن المؤمنين الاتباع والحرمة.
وقال ابن عطاء: الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- من الله تعالى الوصلة، ومن الملائكة الرقة، ومن المؤمنين المتابعة والمحبة.
وقال غيره: صلاة الرب تبارك وتعالى على نبيه -صلى الله عليه وسلم- تعظيم الحرمة، وصلاة الملائكة عليه -صلى الله عليه وسلم- إظهار الكرامة، وصلاة الأمة عليه -صلى الله عليه وسلم- طلب الشفاعة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرًا".
فينبغي لكل مؤمن لبيب ألا يغفل في هذا الشهر، بل يتأهب فيه لاستقبال شهر رمضان بالتطهر من الذنوب والتوبة عما فات وسلف فيما مضى من الأيام، فيتضرع إلى الله تعالى في شهر شعبان، ويتوسل إلى الله تعالى بصاحب الشهر محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى يصلح فساد قلبه، ويداوي مرض سره، ولا يسوف ويؤخر ذلك إلى غد، لأن الأيام ثلاثة: أمس وهو أجل، واليوم وهو عمل، وغدًا وهو أمل، فلا تدري هل تبلغه أم لا، فأمس موعظة، واليوم غنيمة، وغدًا مخاطرة.
وكذلك الشهور ثلاثة: رجب فقد مضى وذهب فلا يعود، ورمضان وهو منتظر لا تدري هل تعيش إلى إدراكه أم لا؟ وشعبان وهو واسطة بين شهرين فليغتنم الطاعة فيه.
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لرجل وهو يعظه، قيل هو عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك