الأول من ذلك:
مجلس في قوله -عز وجل-: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل: 98]
اعلم أن هذه الآية في سورة النحل وهي مكية، إلا ثلاث آيات من آخرها أنزلت بالمدينة، وعدد آياتها مائة وعشرون آية وثمان آيات، وعدد كلماتها ألف وثمانمائة وإحدى وأربعون كلمة، وحروفها سبعة آلاف وسبعمائة وتسعة أحرف.
قال أهل التفسير: كان سبب نزول هذه الآية: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ سورة النجم وقرأ والليل إذا يغشى ...} [الليل: 1] في صلاة الفجر بمكة أعلنهما فلما بلغ إلى قوله: {أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى} [النجم: 19 - 20] نعس النبي -صلى الله عليه وسلم- فألقى الشيطان على لسانه «الغرانيق العلا عندها الشفاعة ترتجى» يعني الأصنام.
قال: ففرح المشركون بذلك، لأنهم اثبتوا لها الشفاعة، ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، كما قال الله -عز وجل-: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} [الزمر: 3].
وكانوا يقولون إنها أجسام طاهرة ليس لها ذنوب، فهي أولى بالعبادة لها من غيرها من الملوك والملائكة، لأن لهم ذنوبًا وهم ذوو أرواح، فشبهوا الأصنام بالغرانيق، وهي الذكور من الطيور، وإحداها: غرنوق وغرنيق، لكونها تعلو وترتفع في السماء.
وقيل: هو طائر أبيض من طير الماء.
وقيل: هو الكركي.
ويسمى أيضًا الشاب الناعم غرنوقًا. ومنه حديث علي -رضي الله عنه-: فكأني انظر إلى غرنوق من قريش يتشحط في دمه: أي شاب.
وقال مقاتل: يعني الملائكة رجوا أن تكون للملائكة شفاعة، لأن طائفة من الكفار