وأنه لم يخلق أفعال عبيده، بل هم الخالقون لها دون ربهم.
وإن كثر ما يتغذاه الإنسان لم يرزقه الله إذا كان حرامًا، وإنما الذي يرزق الله الحلال دون الحرام، وأن الإنسان قد يقتل دون أجله، والقاتل يقطع أجله قبل حينه.
وأن من ارتكب كبيرة من الموحدين وإن لم يكن كفرًا فإنه يخرج بها من إيمانه، ويخلد في النار أبد الآبدين، وتبطل جميع حسناته.
وأبطلوا شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهل الكبائر، وأكثرهم نفوا عذاب القبر والميزان، ورأوا الخروج على السلطان وترك طاعته.
وأنكروا انتفاع الميت بدعاء الحي له والصدقة عنه ووصول ثوابها إليه.
وزعمت أيضًا أن الله سبحانه لم يكلم آدم ونوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا -صلوات الله عليهم أجمعين-، ولا جبريل ولا ميكائيل ولا إسرافيل ولا حملة العرش ولا ينظر إليهم مثل ما لا يكلم إبليس واليهود والنصارى.
وأما الذي انفردت به كل فرقة منها:
- أما الهذيلية: فقد انفرد شيخهم أبو الهذيل بأن لله علمًا وقدرة وسمعًا وبصرًا، وأن كلام الله بعضه مخلوق وبعضه غير مخلوق، وهو قوله تعالى: {كن} [البقرة: 117، آل عمران، 47، 59، الأنعام: 73، النحل: 40، مريم: 35، يس: 82، غافر: 68].
وقال: إن الله تعالى ليس بخلاف خلقه، وأن مقدور الله متناه فيبقى أهل الجنة لا حركة لهم، والله تعالى لا يقدر على تحريكهم ولا هم يقدرون على ذلك.
ويجوز أن يكون الميت والمعدوم والعاجز يفعل الأفعال، وأبى أن يكون الله تعالى لم يزل سميعًا.
- وأما النظامية: فكان شيخهم النظام يقول: إن الجمادات تفعل بإيجاب الخلقة.
وكان ينفيى الأعراض إلا الحركة الاعتمادية، ويقول: إن الإنسان هو الروح، وإن أحدًا لم ير النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما رأى ظرفه يعني جسمه.
وخرق الإجماع فقال: من ترك الصلاة عامدًا ذاكرًا فلا إعادة عليه.
وكان ينفي إجماع الأمة، ويجوز اجتماعها على باطل، ويقول: إن الإيمان مثل الكفر، والطاعة كالمعصية وفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- كفعل إبليس اللعين وأن سيرة عمر وعلي -رضي الله عنهما- كسيرة الحجاج.
وإنما التزم ذلك وركبه لأنه كان يقول إن الحيوان كله جنس واحد.