وقال أيضًا في رواية بعضهم: لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيء من هذا، إلا ما كان في كتاب الله عز وجل، أو حديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أو عن أصحابه رضي الله عنهم، أو عن التابعين، فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود، فلا يقال في صفات الرب عز وجل: كيف، ولم، ولا يقول ذلك إلا شاك.
وقال أحمد رحمه الله، في رواية عنه في موضع آخر: نحن نؤمن بأن الله عز وجل على العرش، كيف شاء، وكما شاء، بلا حد ولا صفة، يبلغها واصف، أو يحده حاد، لما روى عن سعيد بن المسيب عن كعب الأحبار قال الله تعالى في التوراة: أنا الله فوق عبادي، وعرشي فوق جميع خلقي، وأنا على عرشي، عليه أدبر عبادي، ولا يخفى علي شيء من عبادي.
وكونه عز وجل على العرش مذكورًا في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف، ولأن الله تعالى فيما لم يزل موصوف بالعلو والقدرة والاستيلاء والغلبة على جميع خلقه من العرش وغيره، فلا يحمل الاستواء على ذلك.
فالاستواء من صفات الذات بعدما أخبرنا به، ونص عليه، وأكده في سبع آيات من كتابه، والسنة المأثورة به، وهو صفة لازمة له، ولائقة به كاليد والوجه والعين والسمع والبصر والحياة والقدرة، وكونه خالقًا ورازقًا ومحييًا ومميتًا، موصوف بها، ولا نخرج من الكتاب والسنة، نقرأ الآية والخبر، ونؤمن بما فيهما، ونكل الكيفية في الصفات إلى علم الله عز وجل، كما قال سفيان بن عيينة رحمه الله: كما وصف الله تعالى نفسه في كتابه.
فتفسيره قراءته، لا تفسير له غيرها، ولا نتكلف غير ذلك، فإنه غيب، لا مجال للعقل في إدراكه، ونسأل الله تعالى العفو والعافية، ونعوذ به من أن نقول فيه وفي صفاته ما لم يخبرنا به هو أو رسوله عليه الصلاة والسلام.
وأنه تعالى ينزل في كل ليلة إلى سماء الدنيا، كيف شاء وكما شاء، فيغفر لمن أذنب وأخطأ وأجرم وعصى لمن يختار من عباده ويشاء، تبارك وتعالى العلي الأعلى، لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى، لا بمعنى نزول رحمته وثوابه على ما ادعته المعتزلة والأشعرية، لما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((ينزل الله تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: هل من