على بعد، وإذا غسلت ثيابه لا يكاد يفارقها. وكان منزله كأنه الجنة، حتى وجد فيه أعداؤه مطعنا، ورفعوا للمنصور أنه غير حافظ للناموس الشرعي بكثرة تغزله واشتهار مقطعاته وانهماكه في العشق. ووافق ذلك أن رمى ابن أخٍ له يده في امرأة وغصبها على الدخول لمنزله، وشهد بذلك عند أبي موسى بن رمانة، حافظ فاس، جماعةٌٌ. فأمر بإحضار المذكور بعد صلاة الصبح وضرب عنقه. وطلع القاضي ليتكلم فيه وقد بلغه أنه متعفف، فقيل له في الطريق: إنه قد فات الأمر. فرجع. وكتب فيه الحافظ وأعلم أن فقهاء فاس أجمعوا على تأخيره عن الإمامة والخطابة وولوا غيره، حتى يصل الإذن العالي إما باستقرار الثابت أو بتعويضه. فوصل الأمر بوصول أبي حفص إلى الحضرة فما جهل مكانه، ولا صغر شانه.
وولاه المنصور قضاء إشبيلية. فشكرت فيها سيرته، وحمدت سيرته. ومات بها وهو قاض في سنة ثلاث وستمائة.