هذا مقامي لديك يا من ... أقام دهراً وراء بابي
أقصى أمانيه قرب إذن ... في دولة الحسن والشباب
إن كنت أنسيت ذاك فانظر ... في فرد باب من الكتاب
لا تغترر بالزمان يوماً ... وأفكر إذا سرت في الأباب
مخارق الجاه ليس تبقى ... وموقف العزل كالحساب
فافعل على قدر ما تلقى ... وقل فلا بد من جواب
فاستحيا ذلك العامل على قلة حيائه، وأفكر في باب الفاعل والمفعول أيام يمشي على استحيائه، وأخذ ما جاء به الشيخ، واشتهرت القضية. وبلغت السلطان مظفر الدين صاحب اربل، فاستدعى الشيخ وقال: أغفلناك ولم ينبهنا أحد عليك لأنك محسود، ومثلك لا ينبه عليه إلا نفسه، وقد جعلت عقاب ذلك الرذل، الذي لم يقابلك بما يجب، عزله ووليتك الخطابة على منبر هذا الجامع. فقال: أرغب من إحسان السلطان ألا يكدره بأن أكون سببا لعزل شخص وقطع رزقه، وأنا ممن يشتفي بالقول لا بالفعل. فالاشتفاء بالأفعال من شيم الملوك. فقال له السلطان: أبيت إلا أدبا وظرفا. وجاء ذلك العامل فصار من خدامه، والمعترفين بإنعامه.