وترفع عن طبقة العلماء والأدباء والكتاب. ومن أمعن الفكر فيما أورد له في هذا المجموع علم أن له فكرة غواصة، وان معاني الأغراب وألفاظ الإبداع ليست عليه بمعتاصة.
ومن الحكايات المستطرفة المتعلقة بترجمته أن ابن منذر البطلبوسي لما ورد من المغرب أعترضه وهو قاصد دار السلطان، فكلفه رفع بطاقة إليه في مرتب يستعين به على طلب العلم. فأعلمه أن الكلام في إجراء راتب مخترع لا يمكن. فقال: فإن لم يمكن هذا فاكتب إلى الفقيه فلان في أن ينزلني عنده في المدرسة ويجري لي من الوقف ما يكفيني. فقال: ليس هذا من شغلي وإنما من شغل متولي الاوقاف0 فاظهر انه لا ينفصل عنه إلا بالنظر في أمره، وجعل يورد عليه من أنواع التكليف ما يروغ الوزير عنه إلى أن أضجر. فأراد الانفصال عنه فقال: يا هذا، أعلم أنه من كلف ما لا يقدر عليه أتعب لسانه وسمع من يكلمه. فقال: أيها الوزير، أتعد إن أنا كلفتك ما تستطيع لم تعتذر لي عنه؟ قال: ما أعتذر لك عن شيء أستطيعه. قال: وأنا أيضاً فما أكلفك إلا أن ترجع إلى تعليم الصبيان في المكتب الذي كنت فيه، فتستريح أنت من كلف الناس ويستريح الناس من هذه الوزارة الخراء التي لا فائدة فيها، وقد شغلت مكانتها عن مستحقها ممن يفرح بقضاء حوائج الناس،، ويتكلف المشقات في تخليد شكرهم. فضحك الوزير ضحكاً لم يعهد منه مثله، وقال له: