قال: وكان في إربل شخص كثير الإلحاح واللجاج والمتابعة، فاتفق له أن استوزر، فقال فيه:
قولوا أحقا سمعنا ... أم ذاك يخلق زورا
أضحى "النصيبي" معيناً ... في ملكنا ونصيرا
إن أبصرت لجاظي ... مشاوراً ومشيرا
بدولةٍ كان هذا ... يوماً علينا عسيرا
فلا رعى الله وقتاً ... قدمت فيه وزيرا
نموت جوعاً ولسنا ... نلقي إليك الأمور
قال: وجرى له أن تحاكم عنده شخص جريء متكلم مع شاب كما خط عذاره، فتان الصورة. فجعل القاضي يقبل الشاب. فقال له بما فيه من القحة: أراك يا قاضي المسلمين تميل إلى هذا الصبي ولا تلتفت إلي! فقال القاضي: ذاك لأنني أتبين مجاري الحق من أثناء كلامه. قال: لا والله، بل فتنك بألفه ولامه. فحبسه الحاضرون وهموا به. فقال: ما على هذا من جناح، احملوه إلى مارستان حتى يتطيب، فقد نشف دماغه. فحمل للمارستان وانحلت القضية. ثم أطلقه بعد ذلك. فكان يلقب بالناشف. فأضجره الناس، فهرب إلى الموصل.