ذَاكِرَةٌ أَوْ غَيْرُ ذَاكِرَةٍ إلَّا أَنَّ التَّمْيِيزَ هُنَا مُعْتَبَرٌ بِعَدَمِ عُبُورِ الْقَوِيِّ الْأَكْثَرَ فَقَطْ وَإِذَا رُدَّتْ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ إلَى مَرَدِّهَا عَادَةً أَوْ مَجَّةً فَهِيَ فِي الْحَيْضِ، إمَّا مُعْتَادَةٌ فَهِيَ طَاهِرٌ بَعْدَ مَرَدِّهَا فِي النِّفَاسِ عَلَى قَدْرِ عَادَتِهَا فِي الطُّهْرِ ثُمَّ حَائِضٌ عَلَى قَدْرِ عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ ثُمَّ تَسْتَمِرُّ كَذَلِكَ وَإِمَّا مُبْتَدَأَةٌ فَدَوْرُهَا بَعْدَ مَرَدِّهَا فِي النِّفَاسِ دَوْرُ الْمُبْتَدَأَةِ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَيَكُونُ الطُّهْرُ مُتَّصِلًا بِالْمَرَدِّ وَالْحَيْضُ بَعْدَهُ.
ثُمَّ بَيَّنَ حُكْمَ الِاسْتِحَاضَةِ وَنَحْوِهَا فَقَالَ: (وَمُسْتَحَاضَةٌ كَرِخْوِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ كَشَخْصٍ رِخْوٍ (مَقْعَدِ) يَسِيلُ مِنْهُ الْغَائِطُ (وَ) كَشَخْصٍ (سَلِسٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ (بَوْلًا وَمَذْيًا) بِالْمُعْجَمَةِ (وَوَدِيّ) بِالْمُهْمَلَةِ وَبِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (تَغْسِلُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ (الْفَرْجَ) وَتَحْشُوهُ بِنَحْوِ قُطْنَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ دَفْعًا لِلْخَبَثِ أَوْ تَقْلِيلًا لَهُ.
(ثُمَّ تَعْتَصِبْ) عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ الدَّمُ بِالْحَشْوِ بِأَنْ تَشُدَّ عَلَى وَسَطِهَا خِرْقَةً أَوْ نَحْوِهَا وَتَتَلَجَّمَ بِأُخْرَى وَكُلٌّ مِنْ ذَلِكَ وَاجِبٌ إلَّا أَنْ يَحْرُقَهَا اجْتِمَاعُ الدَّمِ فَلَا يَلْزَمُهَا الشَّدُّ وَالتَّلَجُّمُ أَوْ تَكُونَ صَائِمَةً فَتُتْرَكَ الْحَشْوَ نَهَارًا (ثُمَّ تَوَضَّأَتْ) وُجُوبًا (لِكُلِّ مَا كُتِبْ) عَلَيْهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَإِنْ لَمْ تُزِلْ الْعِصَابَةَ وَلَمْ تُحْدِثْ إذْ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ وُجُوبُ الْوُضُوءِ مِنْ كُلِّ خَارِجٍ مِنْ الْفَرْجِ خَالَفْنَاهُ فِي الْفَرْضِ الْوَاحِدِ لِلضَّرُورَةِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَاهُ وَتَسْتَبِيحُ مَا شَاءَتْ مِنْ النَّفْلِ بِوُضُوءِ الْفَرِيضَةِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ أَنَّهَا لَا تَسْتَبِيحُهُ بَعْدَ الْوَقْتِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ بِتَجَدُّدِ حَدَثِهَا وَتَزَايُدُ خَبَثِهَا وَلَوْ خَرَجَ الدَّمُ بَعْدَ الشَّدِّ لِغَلَبَتِهِ لَمْ يَبْطُلْ الْوُضُوءُ أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَخْ بَلْ عَلَى مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: عُبُورِ الْقَوِيِّ الْأَكْثَرَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ انْقَطَعَ الدَّمُ فِي السِّتِّينَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ، ثُمَّ عَادَ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ حِينِ الِانْقِطَاعِ كَانَ الْعَائِدُ نِفَاسًا لَا حَيْضًا إذْ الطُّهْرُ الْفَاصِلُ بَيْنَ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ فِي السِّتِّينَ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ كَوْنُ زَمَنِ النَّقَاءِ الْمَذْكُورِ نِفَاسًا وَحِينَئِذٍ فَلَوْ رَأَتْ مَثَلًا نِصْفَ السِّتِّينَ سَوَادًا، ثُمَّ عَشْرَةً حُمْرَةً، ثُمَّ عَادَ السَّوَادُ وَالْفَرْضُ مُجَاوَزَةُ الدَّمِ السِّتِّينَ فَإِنْ جَعَلَ الْحُمْرَةَ الْمَذْكُورَةَ طُهْرًا وَمَا بَعْدَهَا حَيْضًا خَالَفَ هَذَا الَّذِي تَقَرَّرَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ التَّمْيِيزُ هُنَا مُعْتَبَرًا بِمَا ذُكِرَ فَقَطْ كَمَا قَالَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ بِالنَّظَرِ لِمَا بَعْدَ السِّتِّينَ فَقَطْ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: الْأَكْثَرَ فَقَطْ) أَيْ: لَا يُقَدَّمُ نُقْصَانُ الْقَوِيِّ عَنْ الْأَقَلِّ وَالضَّعِيفُ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَيْضًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ لِلْأَقَلِّ هُنَا حَتَّى يُشْتَرَطَ عَدَمُ النَّقْصِ عَنْهُ أَيْضًا وَلِأَنَّ الطُّهْرَ بَيْنَ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا يَتَأَتَّى اشْتِرَاطُ عَدَمِ نُقْصَانِ الضَّعِيفِ عَنْهَا. (قَوْلُهُ الْأَكْثَرَ) لِلنِّفَاسِ. (قَوْلُهُ عَادَتِهَا فِي الطُّهْرِ) أَيْ: مِنْ الْحَيْضِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: مُتَّصِلًا بِالْمَرَدِّ) أَيْ: فِي النِّفَاسِ.
(قَوْلُهُ، ثُمَّ تَوَضَّأَتْ) فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى مَرَّةٍ فِي الْوُضُوءِ لِلْمُبَادَرَةِ وَاسْتَشْهَدَ بِمَا إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى قَائِمًا سَالَ بَوْلُهُ وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا أَمْكَنَهُ التَّحَفُّظُ فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِذَا سَامَحُوا بِفَرْضِ الْقِيَامِ لِمَصْلَحَةِ الطَّهَارَةِ فَالْمُسَامَحَةُ بِالتَّثْلِيثِ الْمَنْدُوبِ أَوْلَى قَالَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ قُلْت: مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ مَفْرُوضٌ فِي حُصُولِ التَّحَفُّظِ عَنْ النَّجَاسَةِ مُطْلَقًا بِتَرْكِ الْقِيَامِ وَالْحَاصِلُ بِتَرْكِ التَّثْلِيثِ مُجَرَّدُ تَخْفِيفِهَا فَهُوَ كَبَحْثِهِ السَّابِقِ فِي تَرْكِ نَفْلِ الصَّوْمِ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّثْلِيثَ مِنْ تَمَامِ الْوُضُوءِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ فَهُوَ مِنْ مَصَالِحِهَا وَيَلْزَمُهُ الْقَوْلُ بِاقْتِصَارِهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْأَرْكَانِ وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ كَبَحْثِهِ السَّابِقِ إلَخْ أَشَارَ إلَى بَحْثِهِ مَنْعَهَا مِنْ صَوْمِ النَّفْلِ قَالَ:؛ لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تُحْشَ ضَيَّعَتْ مَصْلَحَةَ الصَّلَاةِ وَإِنْ حُشَتْ أَفْطَرَتْ وَلَا اضْطِرَارَ هُنَا. (قَوْلُهُ وَلَمْ تُحْدِثْ) أَيْ: بِغَيْرِ خَارِجِ الِاسْتِحَاضَةِ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ إلَخْ) جَمَعَ م ر بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَتْ عَالِمَةً بِالْوَقْتِ فَقَطْ كَأَنْ تَقُولَ نِفَاسِي عَقِبَ الْوِلَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَلَا أَعْلَمُ قَدْرَهُ فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنَّ لَحْظَةً عَقِبَ الْوِلَادَةِ فِي الْأُولَى وَبَعْدَ الْخَمْسَةِ فِي الثَّانِيَةِ نِفَاسٌ بِيَقِينٍ وَبَعْدَهَا يُحْتَمَلُ الِانْقِطَاعُ فَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ أَبَدًا لِمَا مَرَّ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إنَّهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْمُبْتَدِئَةِ فِي النِّفَاسِ فَيَعُودُ فِيهَا مَا سَبَقَ.
لَكِنَّ الرَّاجِحَ الْأَوَّلُ، ثُمَّ إنَّ هَذَا كُلَّهُ مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَ مُجَاوَزَةِ السِّتِّينَ. اهـ. شَيْخُنَا الْإِمَامُ الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْ: لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُجَاوَزَةِ قَبْلُ حَتَّى تَنْبَنِيَ عَلَيْهَا تِلْكَ الْأَحْكَامُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ التَّمْيِيزَ هُنَا مُعْتَبَرٌ إلَخْ) أَيْ: شَرْطُ الْعَمَلِ بِتَمْيِيزِ الْقَوِيِّ عَنْ الضَّعِيفِ عَدَمُ عُبُورِ الْقَوِيِّ الْأَكْثَرَ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَالْمُمَيِّزَةُ تُرَدُّ إلَى الْقَوِيِّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى السِّتِّينَ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَقَطْ) ، أَمَّا أَقَلُّهُ وَأَقَلُّ الضَّعِيفِ فَلَا ضَبْطَ لَهُمَا شَرْحُ الرَّوْضِ وَعِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ