لَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ هُوَ وَبَرِئَ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمْ يُعَيِّنْ مُسْتَنَدَ ظَنِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَحَيْثُ رَضِيَا) أَيْ: السَّيِّدُ بِالنَّاقِصِ بِعَيْبٍ (فَالْعِتْقُ) بَانَ (مِنْ) حِينِ (قَبْضٍ) لَا مِنْ حِينِ الرِّضَى عَلَى الْأَصَحِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّيْنِ إذَا اسْتَوْفَاهُ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَرَضِيَ بِهِ لَا نَقُولُ: مَلَكَهُ بِالرِّضَى بَلْ بِالْقَبْضِ، وَتَأَكَّدَ الْمِلْكُ بِالرِّضَى أَمَّا إذَا وَجَدَهُ نَاقِصًا بِنُقْصَانِ جُزْءٍ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ طَالَبَهُ بِالْبَاقِي وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ فِي حُصُولِ الْعِتْقِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.
(وَحَطٌّ) لِمُمَوِّلٍ عَنْ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً مِنْ نُجُومِهِ (وَجَبَا) عَلَى السَّيِّدِ (أَوْ بَذْلُهُ) أَيْ: إعْطَاؤُهُ (مُمَوَّلًا) أَيْ: وَإِنْ قَلَّ قَالَ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] فَسَّرَ الْإِيتَاءَ بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ وَالْحَطُّ، أَوْلَى مِنْ الْبَذْلِ؛ لِأَنَّ الْإِعَانَةَ فِيهِ مُحَقَّقَةٌ قَالُوا: وَإِنَّمَا وَجَبَ أَقَلُّ مُمَوَّلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَقْدِيرٌ وَزَادَ قَوْلَهُ: (وَنُدِبَا رُبْعٌ) فَإِنْ لَمْ تَسْمَحْ بِهِ نَفْسُهُ فَسُبْعٌ رَوَى النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَحُطُّ عَنْ الْمُكَاتَبِ قَدْرَ رُبُعِ كِتَابَتِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ رَفْعُهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَحَطَّ عَنْهُ سُبْعَهَا خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَقِيَ بَيْنَهُمَا السُّدُسُ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أَسِيد أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَالَ: فَأَتَيْته بِمُكَاتَبَتِي فَرَدَّ عَلَيَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. (وَلَوْ) كَانَ الْمَبْذُولُ (مِنْ غَيْرِ جِنْسٍ) أَيْ: جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَكْفِي (إنْ رَضِي) بِهِ (مُكَاتَبٌ) فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَالِهَا لَزِمَهُ الْقَبُولُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَالِهَا. وَالْحَطُّ، أَوْ الْبَذْلُ يَكُونُ (مِنْ قَبْلِ عِتْقٍ) لِيَسْتَعِينَ بِهِ الْمُكَاتَبُ عَلَى تَحْصِيلِهِ كَمَا يُدْفَعُ إلَيْهِ سَهْمُ الرِّقَابِ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ النَّجْمُ الْأَخِيرُ لَكِنَّهُ أَلْيَقُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ (وَقُضِيَ) ذَلِكَ بَعْدَ الْعِتْقِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ قَبْلَهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا وَبِجَوَازِ بَذْلِ غَيْرِ الْجِنْسِ بِالرِّضَى مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ يَمُتْ) سَيِّدُهُ بَعْدَ قَبْضِ النُّجُومِ، وَقَبْلَ الْبَذْلِ (قُدِّمَ) ذَلِكَ عَلَى الْوَصَايَا وَالْإِرْثِ (كَالدُّيُونِ) فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا (وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ) مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ (فَكَالْمَرْهُونِ) بِحَقِّ الْمُكَاتَبِ لَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ أَرْبَابُ الدُّيُونِ، وَالْوَصَايَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي عَيْنِهِ.
وَلَوْ (عَجَّلَ) الْمُكَاتَبُ بَعْضَ النُّجُومِ (كَيْ يُبْرِئَ) السَّيِّدَ (عَمَّا بَقِيَا) مِنْهَا (لَغَا) كُلٌّ مِنْ التَّعْجِيلِ وَالْإِبْرَاءِ (وَإِنْ وَفَّاهُ) السَّيِّدُ بِالْإِبْرَاءِ لِتَرَتُّبِهِ عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ فَعَلَى السَّيِّدِ رَدُّ الْمَأْخُوذِ (لَا إنْ رَضِيَا) أَيْ: الْمُكَاتَبُ رِضًا جَدِيدًا بِقَبْضِ ذَلِكَ عَمَّا عَلَيْهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْقَبْضُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ الْمُرْتَهِنِ فِي قَبْضِ مَا بِيَدِهِ عَنْ جِهَةِ الشِّرَاءِ، أَوْ الرَّهْنِ، وَلَوْ عَجَّلَ بِلَا شَرْطٍ جَازَ وَأُجْبِرَ السَّيِّدُ عَلَى الْقَبُولِ مَا لَمْ يَبْدُ غَرَضًا فِي الِامْتِنَاعِ كَمُؤْنَةِ حِفْظِهِ، أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَاءَ بِهِ فِي الْمَحَلِّ، وَشَرَطَ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْبَاقِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ أَدَاءِ الْأَرْشِ جَازَ لِلسَّيِّدِ إرْقَاقُهُ كَمَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ بَعْضِ النُّجُومِ حَجَرٌ د
. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) قِيلَ: هَذَا لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ مُسْتَنَدِ ظَنِّهِ إذَا لَمْ يَصْحَبْهُ قَرِينَةٌ لَا تَأْثِيرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهِ. اهـ. وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْكِتَابَةِ بِأَنَّ نَفْسَ الْكِتَابَةِ وَسَبْقَ قَبْضِ النُّجُومِ قَرِينَةٌ
(قَوْلُهُ: قَالُوا وَإِنَّمَا وَجَبَ أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِ قَالُوا إشَارَةٌ إلَى النَّظَرِ فِيهِ بِأَنَّهُ وَرَدَ فِيهِ التَّقْدِيرُ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَقْدِيرٌ) قَدْ يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي عَنْ عَلِيٍّ وَرَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْآتِيَ عَنْ عَلِيٍّ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفِي التَّقْدِيرَ مُطْلَقًا بَلْ يَنْفِي التَّقْدِيرَ بِأَقَلِّ مَا وَرَدَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا عَدَا الرُّبُعَ لَمْ يُرْفَعْ بَلْ هُوَ بِاجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ، وَأَقَرَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرُّبُعَ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَلَا تَقْدِيرَ وَرَاءَهُ. (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَ بِهِ مُكَاتَبٌ) فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ غَيْرِ الْجِنْسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُرِيدُ بِهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَقَضَى ذَلِكَ بَعْدَ الْعِتْقِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ أَيْ: أَخَّرَ الْإِيتَاءَ عَنْ الْعِتْقِ أَثِمَ، وَكَانَ قَضَاءً فَقَوْلُ الْأَصْلِ: وَيَجُوزُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَالْعِتْقِ لَكِنْ يَكُونُ قَضَاءً فِيهِ تَسَمُّحٌ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَصْلَ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِجْزَاءَ. (قَوْلُهُ: قَدَّمَ ذَلِكَ عَلَى الْوَصَايَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ فَالزَّائِدُ مِنْ الْوَصَايَا. اهـ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِيصَاءِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا) فِي شَرْحِ الْجَوْجَرِيِّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الدُّيُونِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُكَاتَبُ تَالِفًا. اهـ.
وَهُوَ وَهْمٌ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْمُسَاوَاةُ عِنْدَ التَّلَفِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا.
(فَرْعٌ)
قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ غَيْرَ قَدْرِ الْوَاجِبِ لَمْ يَسْقُطْ، وَلَا تَقَاصَّ، وَلَا تَعْجِيزَ بِهِ فَيَرْفَعُ الْمُكَاتَبُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَفْصِلُهُ بِطَرِيقِهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَجَّلَ بِلَا شَرِيكٍ إلَخْ) إنْ أَدَّى النُّجُومَ قَبْلَ الْمَحَلِّ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي تَفْصِيلِهِ أَدَاؤُهَا فِي غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَقِيَ بَيْنَهُمَا السُّدُسُ) أَيْ: بَقِيَ مِمَّا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَإِلَّا فَالْخُمُسُ أَوْلَى مِنْ السُّدُسِ، وَالثُّلُثُ أَوْلَى مِنْ الرُّبُعِ وَمِمَّا دُونَهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَالِهَا) أَيْ: مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ
(قَوْلُهُ: