لِلْبَيْعِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَفِ ثُلُثُ الْمَالِ بِالْأَرْشِ، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ فَإِنْ وَفَّى بِهِمَا لَزِمَهُ الْفِدَاءُ مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِالتَّدْبِيرِ السَّابِقِ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَفْدِ وَإِنَّمَا فَدَى مِنْ التَّرِكَةِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ الْبَيْعِ فَإِنَّ كَلَامَهُ ثَمَّةَ يُفْهِمُ أَنَّ إعْتَاقَ الْمُوسِرِ لِلْجَانِي نَافِذٌ فَيَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ، وَقَدْ وُجِدَ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ فِي نُسْخَةٍ بَعْدَ مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ:
قُلْت بَلَى إنْ يَفِ ثُلُثُ السَّيِّدْ ... بِقِيمَةِ الْجَانِي وَبِالْأَرْشِ فَدَى
(وَفِي) قَوْلِ الْمُدَبَّرِ (كَسَبْتُ الْمَالَ) الَّذِي بِيَدِي (بَعْدَ) مَوْتِ (سَيِّدِي) فَهُوَ لِي وَقَالَ الْوَارِثُ: قَبْلَهُ فَهُوَ تَرِكَةٌ حَلَفَ الْمُدَبِّرُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ لِذَلِكَ (لَا فِي) قَوْلِ الْمُدَبَّرَةِ (وَلَدْتُ) هَذَا الْوَلَدَ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِي فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ الْوَارِثُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ قِنٌّ فَلَا تَحْلِفُ الْمُدَبَّرَةُ بَلْ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ رِقُّ وَلَدِهَا، فَقَوْلُهُ: فِي كَسَبْت مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ (حَلِّفْ الْمُدَبَّرَا) وَذَكَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ الْفَرْقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ بِقَوْلِهِ: (إذْ مَا عَلَى الْحُرِّ يَدٌ فَتَظْهَرَا) أَيْ: إذْ الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ حَتَّى تَظْهَرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ لَكِنْ لَا حَاجَةَ فِي الْفَرْقِ إلَى قَوْلِهِ: فَتَظْهَرَا.
(بَابُ الْكِتَابَةِ) بِكَسْرِ الْكَافِ، وَقِيلَ: بِفَتْحِهَا كَالْعَتَاقَةِ وَهِيَ لُغَةً: الضَّمُّ وَالْجَمْعُ، وَشَرْعًا: عَقْدُ عِتْقٍ بِلَفْظِهَا بِعِوَضٍ مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَسُمِّيَ كِتَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمِّ نَجْمٍ إلَى نَجْمٍ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَوْثُقُ بِهَا غَالِبًا وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْمُعَامَلَاتِ لِدَوَرَانِهَا بَيْنَ السَّيِّدِ، وَعَبْدِهِ وَلِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وَخَبَرُ «مَنْ أَعَانَ غَارِمًا أَوْ غَازِيًا، أَوْ مُكَاتَبًا فِي فَكِّ رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلُّ إلَّا ظِلُّهُ» ، وَخَبَرُ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَ إسْنَادَهُمَا، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ لَهَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ.
وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: سَيِّدٌ، وَمُكَاتَبٌ، وَعِوَضٌ، وَصِيغَةٌ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ: (تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعَاتِ) الْمُخْتَارُ وَلَوْ كَافِرًا حَرْبِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ (لَا ذِي رِدَّةِ كِتَابَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ إذْ الْمُكَاتَبُ، وَكَسْبُهُ لِلسَّيِّدِ فَمُقَابَلَةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نُزُولٌ عَنْ أَحَدِهِمَا مَجَّانًا فَلَا تَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ عَنْهُمْ، وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ، وَلَا مِنْ مَرِيضٍ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ، وَلَا مِنْ مُرْتَدٍّ أَمَّا لَوْ كَاتَبَ، ثُمَّ ارْتَدَّ فَلَا تَبْطُلُ كِتَابَتُهُ كَبَيْعِهِ لَكِنْ يَمْتَنِعُ دَفْعُ النُّجُومِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بَلْ تُدْفَعُ لِلْحَاكِمِ فَلَوْ دَفَعَهَا لِلْمُرْتَدِّ لَمْ يَعْتِقْ، وَيَسْتَرِدُّهَا، وَيَدْفَعُهَا إلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ تَلِفَتْ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَفِي بِهَا، وَدَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَهُ تَعْجِيزُهُ ثُمَّ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ عَلَى الرِّدَّةِ بَعْدَ تَعْجِيزِهِ فَهُوَ رَقِيقٌ، وَإِنْ أَسْلَمَ أُلْغِيَ التَّعْجِيزُ؛ لِأَنَّ مَنْعَ التَّسْلِيمِ كَانَ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ صَارَ لَهُ فَيَعْتَدُّ بِقَبْضِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهَا لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَأَتْلَفَهَا وَعَجَّزَهُ الْوَلِيُّ، ثُمَّ فَكَّ الْحَجْرَ فَإِنَّهُ لَا يُلْغِي تَعْجِيزَهُ؛ لِأَنَّ حَجْرَ السَّفِيهِ أَقْوَى، وَلِهَذَا لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ قَطْعًا وَلِأَنَّ حَجْرَهُ لِحِفْظِ مَالِهِ، فَلَوْ حَسَبَ عَلَيْهِ مَا أَتْلَفَهُ لَمْ يَحْصُلْ حِفْظٌ، وَحَجْرُ الْمُرْتَدِّ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ عَادَلَهُ (إنْ شَمِلَا) أَيْ: عَقْدُ الْكِتَابَةِ (جَمِيعَ مَا رَقَّ) مِنْ الْمُكَاتَبِ مِنْ فَلَوْ كَاتَبَ بَعْضَ رَقِيقِهِ، وَبَاقِيه حُرٌّ صَحَّ لِحُصُولِ الِاسْتِقْلَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَاقِيهِ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّرَدُّدِ لِاكْتِسَابِ النُّجُومِ لَكِنَّهُ إنْ أَدَّى النُّجُومَ قَبْلَ فَسْخِ السَّيِّدِ الْكِتَابَةَ عَتَقَ، وَسَرَى مُطْلَقًا إنْ كَانَ بَاقِيهِ لَهُ، وَمَعَ الْيَسَارِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَاسْتَرَدَّ مِنْ سَيِّدِهِ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَرَجَعَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِقِسْطِ الْقَدْرِ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَوْ كَاتَبَهُ الشَّرِيكَانِ مَعًا صَحَّ بِشَرْطِ اتِّفَاقِ النُّجُومِ جِنْسًا، وَصِفَةً، وَأَجَلًا، وَعَدَدًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــSقِيمَةِ الْمُدَبَّرِ لَزِمَ فِدَاءُ بَعْضِهِ مِنْ التَّرِكَةِ فَيَعْتِقُ دُونَ بَاقِيهِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْفِدَاءُ مِنْ التَّرِكَةِ) هَذَا اللُّزُومُ، وَلَوْ فِي الْبَعْضِ بِأَنْ لَمْ يُخْرِجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بَعْضَهُ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا ادَّعَاهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ، وَقَدْ جَنَى أَيْ: الْمُدَبَّرُ، وَلَمْ يَبِعْهُ وَلَمْ يَخْتَرْ فِدَاءَهُ فَكَعِتْقٍ أَيْ: فَمَوْتُهُ كَإِعْتَاقِ الْقِنِّ الْجَانِي فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا عَتَقَ وَفَدَى مِنْ التَّرِكَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ إنْ اسْتَغْرَقَتْهُ الْجِنَايَةُ، وَإِلَّا فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثُلُثُ الْبَاقِي قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ الْمَيِّتُ مُعْسِرٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ هَذَا تَرْجِيحَ عَدَمِ النُّفُوذِ هُنَا، وَحَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ فَأَوْهَمَ تَرْجِيحَ خِلَافِهِ اعْتِمَادًا عَلَى التَّرِكَةِ قُلْت: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُفَارِقُ السِّرَايَةَ بِأَنَّ سَبَبَ الْعِتْقِ فِيهِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمَوْتِ، وَسَبَبَ السِّرَايَةِ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا فِي وَلَدْت) لَعَلَّ صُورَتَهُ فِي وَلَدٍ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَإِلَّا فَمَا حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَهُ مُدَبَّرٌ، وَإِنْ انْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ كَمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ بِمَوْتِهِ حُرٌّ بِكُلِّ حَالٍ سم. (قَوْلُهُ: إذْ مَا عَلَى الْحُرِّيَّةِ) أَيْ: وَالْوَلَدُ حُرٌّ بِزَعْمِهَا فَلَا يَدَ لَهَا بِزَعْمِهَا.
[بَابُ الْكِتَابَةِ]
(بَابُ الْكِتَابَةِ)
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ: السَّفَهِ (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ مُرْتَدٍّ) وَإِنْ وَقَفْنَا مِلْكَهُ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالْعُقُودُ لَا تُوقَفُ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ، وَالتَّعَالِيقُ تَقْبَلُ الْوَقْفَ شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَاقِيهِ رَقِيقًا) فَإِنَّ كِتَابَتَهُ فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَرْفُ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ إلَيْهِ شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: عَتَقَ وَسَرَى) أَيْ: لِوُجُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَاتَبَهُ الشَّرِيكَانِ صَحَّ) وَلَوْ عَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ كَالْوَارِثَيْنِ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنَّهُ يَبْطُلُ إذَا اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ.
. (قَوْلُهُ: وَعَدَدًا) أَيْ: عَدَدَ النُّجُومِ لِإِعْدَادِ الْقَدْرِ الْمُؤَدِّي (قَوْلُهُ: جِنْسًا) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِهِمَا دَنَانِيرَ وَلِلْآخَرِ دَرَاهِمَ، وَأَمَّا كَوْنُ بَعْضِهَا دَرَاهِمَ لَهُمَا، وَبَعْضِهَا الْآخَرِ دَنَانِيرَ لَهُمَا فَلَا مَانِعَ مِنْهُ سم.
(بَابُ الْكِتَابَةِ)