اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهَا، وَتَعَذَّرَ تَقْوِيمُ الرَّقِيقِ لِمَوْتِهِ، أَوْ غَيْبَتِهِ، أَوْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ أَخَذَ (بِحَلِفِ الْغَارِمِ) لَهَا كَمَا فِي قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ تَلَفِهِ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا، وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ فُصِلَ الْأَمْرُ بِمُرَاجَعَةِ الْمُقَوِّمِينَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةٍ تَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ، وَاتَّفَقَا عَلَى قَدْرِهَا بِدُونِهَا وَمَضَى بَعْدَ الْإِعْتَاقِ مَا يُمْكِنُ تَعَلُّمُهَا فِيهِ، أَوْ كَانَ غَائِبًا، أَوْ مَيِّتًا فَيُصَدَّقُ الْغَارِمُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ، وَعَدَمُ الصِّفَةِ (لَا نَقْصٌ طَرَا) أَيْ: يَحْلِفُ الْغَارِمُ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ لَا لِأَجْلِ نَقْصٍ طَارِئٍ فِي الرَّقِيقِ كَالْعَمَى وَالسَّرِقَةِ إذَا ادَّعَاهُ الْغَارِمُ، وَنَفَاهُ شَرِيكُهُ بَلْ يَحْلِفُ الشَّرِيكُ عَلَى السَّلَامَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَخَرَجَ بِالطَّارِئِ الْخِلْقِيُّ كَالْكَمَهِ، وَالْخَرَسِ فَيَحْلِفُ الْغَارِمُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ، وَعَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الشَّرِيكُ وَخَصَّهُ الْبَغَوِيّ بِمَا إذَا كَانَ النَّقْصُ فِي الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ لِتَمَكُّنِ الشَّرِيكِ مِنْ إثْبَاتِ السَّلَامَةِ فِيهَا فَإِنْ كَانَ فِي الْبَاطِنَةِ فَكَالطَّارِئِ
وَيَسْرِي الْعَتْقُ (عَلَى رُءُوسِ الْمُعْتِقِينَ لَا عَلَى) قَدْرِ (أَمْلَاكِهِمْ) فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهُ وَلِآخَرَ ثُلُثٌ وَلِآخَرَ سُدُسُهُ فَأَعْتَقَ الْأَوَّلَانِ نَصِيبَهُمَا، وَهُمَا مُوسِرَانِ سَرَى الْعِتْقُ عَلَيْهِمَا فِي السُّدُسِ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا لَا بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا مِنْ فَوَائِدِ الْمِلْكِ وَمَرَافِقِهِ فَكَانَ عَلَى قَدْرِهِ كَالنِّتَاجِ وَالثَّمَرَةِ، وَسَبِيلُ قِيمَةِ السِّرَايَةِ سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَالنَّظَرُ فِيهِ إلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا إلَى قِلَّةِ الْجِنَايَةِ وَكَثْرَتِهَا كَمَا فِي الْجِرَاحَاتِ، وَعَنْ الْقَاضِي الطَّبَرِيِّ لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لِشَرِيكٍ: أَعْتِقْ نَصِيبَك عَنِّي بِكَذَا فَأَجَابَهُ فَوَلَاؤُهُ لِلْآمِرِ وَيُقَوَّمُ نَصِيبُ الشَّرِيكِ عَلَى الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ لِغَرَضِهِ وَهُوَ الْعِوَضُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّوَابُ فِيهِمَا أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ عَنْهُ أَيْ: وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ مُعْتِقٌ بِاخْتِيَارِهِ.
(وَشَرْطُهُ) أَيْ: الْمُعْتِقِ (نَفْيُ الْوَلَا) فِي الْعِتْقِ مُطْلَقًا، أَوْ عَنْ نَفْسِهِ (وَ) شَرْطُهُ الْوَلَاءُ (لِسِوَى الْمُعْتِقِ لَغْوٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ، أَوْثَقُ إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» (فَعَتَقْ) أَيْ: فَيَعْتِقُ الرَّقِيقُ (فِي تَيْنِ) الصُّورَتَيْنِ لِإِلْغَاءِ الشَّرْطِ (وَالْمُعْتِقُ بِالْوَلَا أَحَقْ) أَيْ: حَقِيقٌ بِهِ فِيهِمَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ صَاحِبِهِ كَالنَّسَبِ قَالَ: «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ» وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُوَرَّثُ وَإِنَّمَا يُورَثُ بِهِ كَالنَّسَبِ، وَإِلَّا لَشَارَكَ فِيهِ النِّسَاءُ الرِّجَالَ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَلَاخْتَصَّ بِالِابْنِ الْمُسْلِمِ إذَا مَاتَ الْمُعْتِقُ الْمُسْلِمُ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَأَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ الْعَتِيقِ الْمُسْلِمِ، وَقَوْلُهُ: فَعَتَقَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
هُوَ لُغَةً: النَّظَرُ فِي الْعَوَاقِبِ وَشَرْعًا: مَا سَيَأْتِي أَنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ الَّذِي هُوَ دَبَرُ الْحَيَاةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَجُلًا دَبَّرَ غُلَامًا لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَاعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَتَقْرِيرُهُ لَهُ، وَعَدَمُ إنْكَارِهِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ، وَاسْمُ الْغُلَامِ يَعْقُوبُ وَمُدَبِّرُهُ أَبُو مَذْكُورٍ. وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: مَحَلٌّ، وَصِيغَةٌ، وَأَهْلٌ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ: (تَدْبِيرُ شَخْصٍ عَبْدَهُ إنْ عَلَّقَا عِتْقًا) لَهُ (بِمَوْتِهِ) فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ لَا وَصِيَّةٍ وَلِهَذَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى إعْتَاقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَخَرَجَ بِمَوْتِهِ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِغَيْرِ الْمَوْتِ، أَوْ بِمَوْتِ غَيْرِهِ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ مَوْتِهِ كَأَنْ عَلَّقَ الشَّرِيكَانِ عِتْقَ عَبْدِهِمَا بِمَوْتِهِمَا، وَمَاتَا مَعًا فَإِنْ مَاتَا مُرَتَّبَيْنِ فَنَصِيبُ الْأَخِيرِ مُدَبَّرٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ: إذَا مَاتَ شَرِيكِي فَنَصِيبِي مِنْك مُدَبَّرٌ بِخِلَافِ نَصِيبِ الْأَوَّلِ فَهُوَ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ لِوَارِثِهِ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لَكِنْ بِمَا لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحِقَّ الْعِتْقِ بِمَوْتِ الشَّرِيكِ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ تَعْلِيقِ الْمَيِّتِ.
، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُدَبَّرِ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا فَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ غَيْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــS (قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ فِيهِمَا) أَيْ: الشَّرِيكِ، وَالْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَالِكٌ مُعْتِقٌ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ قُبَيْلَ إعْتَاقِهِ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ: بِاخْتِيَارِهِ أَيْ: لِأَنَّ اخْتِيَارَ مَأْمُورِهِ كَاخْتِيَارِهِ، أَوْ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَ الْتِمَاسِ الْعِتْقِ اخْتِيَارٌ لِلْعِتْقِ
(قَوْلُهُ: لِسِوَى الْمُعْتِقِ) لَعَلَّهُ مِنْ الْإِظْهَارِ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ: قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ» (قَوْلُهُ: فَأَسْلَمَ) أَيْ: النَّصْرَانِيُّ.
[بَابُ التَّدْبِيرِ]
(بَابُ التَّدْبِيرِ)
(قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ: نَصِيبُ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: لِوَارِثِهِ أَيْ: الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ: وَلَا تَدْبِيرُ الْمُكْرَهِ) وَتَدْبِيرُ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفٌ رَوْضٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَهُ وَلَدُهُ وَلَحِقَهُ كَسْبُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَتَقَ بِالسِّرَايَةِ.
. (قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ) قَالَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(بَابُ التَّدْبِيرِ)
(قَوْلُهُ: وَمَاتَا مَعًا) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَعِتْقُهُ عِتْقُ تَعْلِيقٍ بِصِفَةٍ لَا عِتْقُ تَدْبِيرٍ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنَّهُمَا إذَا قَالَا ذَلِكَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ يَعْتِقُ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّهُ مُدَبَّرٌ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا مَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ قَالَ إلَخْ) أَيْ: فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِالْمَوْتِ مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ وَهُوَ مَوْتُ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ جَوَازُ بَيْعِ الْمُتَأَخِّرِ مَوْتًا لِنَصِيبِهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ التَّدْبِيرِ، وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ وَبِهِ صَرَّحَ سم. اهـ. بج، وَأَمَّا نَصِيبُ الْمُتَقَدِّمِ فَبَاقٍ عَلَى تَعْلِيقِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ) وَلَهُ كَسْبُهُ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ