نَحْوَهُ وَاسْتَثْنَى الْبَغَوِيّ مِمَّا تَحْتَ الثِّيَابِ الْجِرَاحَةَ عَلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ جِنْسَهَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَكِنَّ جِنْسَ الْعَيْبِ أَيْضًا كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ الْعَيْبُ الْخَاصُّ وَالْجِرَاحَةُ الْخَاصَّةُ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّهَا كَالْعُيُوبِ تَحْتَ الثِّيَابِ، وَعَجَبٌ مِنْ الْبَغَوِيّ كَيْفَ ذَكَرَ خِلَافَ هَذَا وَتَعَلَّقَ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ؟ . اهـ.
وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْهُ وَعَنْ الْقَاضِي وَالْبَنْدَنِيجِيِّ قَالَ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَادَّعَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَا رَيْبَ فِيهِ إنْ وَجَبَتْ الْجِرَاحَةُ قِصَاصًا، وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَوْجَبَتْ مَالًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ نَفْسُهُ فِي تَعْلِيقِهِ وَتَهْذِيبِهِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ ثَبَتَ فِي مَنْعِ ثُبُوتِهَا بِالنِّسَاءِ الْمُنْفَرِدَاتِ إجْمَاعٌ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ مَا أَبْدَاهُ الرَّافِعِيُّ وَصَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَمَا تَقَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي بِمَا إذَا كَانَ الرَّضَاعُ مِنْ الثَّدْيِ فَإِنْ كَانَ مِنْ إنَاءٍ حُلِبَ فِيهِ اللَّبَنُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِهِ مُنْفَرِدَاتٍ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِأَنَّ هَذَا اللَّبَنَ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ غَالِبًا وَزَادَ قَوْلَهُ
(وَاسْمَعَا) بِإِبْدَالِ أَلِفِهِ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ لِمُنَاسَبَةِ أَرْبَعًا وَإِلَّا فَالْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ تَرْكُهُ لِيَكُونَ التَّقْدِيرُ وَسَأَلَ (لِلْمَالِ وَالْآيِلِ لِلْمَالِ وَحَقِّ مَالٍ) رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلًا ثُمَّ يَمِينًا كَمَا سَيَأْتِي لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ» فَالْآيِلُ لِلْمَالِ (كَرَمْيِ السَّهْمِ مَقْصُودًا) أَيْ كَرَمْيِهِ سَهْمًا إلَى إنْسَانٍ مَقْصُودٍ بِالرَّمْيِ (مَرَقْ) مِنْهُ السَّهْمُ (ثُمَّ أَصَابَ) آخَرَ (خَطَأً) فَيَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ الْخَطَأُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْعَمْدُ (وَ) مِثْلُ (مُوضِحَهْ تُعْجِزُ تَعْيِينًا) لَهَا بِأَنْ شَهِدُوا بِهَا وَعَجَزُوا عَنْ تَعْيِينِ مَحَلِّهَا فَيَثْبُتُ بِذَلِكَ الْمَالُ (عَلَى مَا رَجَّحَهْ) أَيْ الْحَاوِي كَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْقَوَدُ كَمَا لَا يَثْبُتُ بِالْحُجَّةِ الْكَامِلَةِ لِتَعَذُّرِ رِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ بِالْعَجْزِ عَنْ التَّعْيِينِ فَالْجِنَايَةُ الْمَعْجُوزُ عَنْ تَعْيِينِهَا مُوجِبَةٌ لِلْمَالِ لَا لِلْقَوَدِ، وَكُلُّ جِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْمَالِ كَقَتْلِ الْوَلَدِ تَثْبُتُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فَقَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ إنْ أَرَادَ بِهِ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَنَا فَحَسَنٌ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ التَّبَرِّي مِنْهُ زَاعِمًا كَالشَّارِحِ تَبَعًا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْحَاوِي وَأَنَّ صَرِيحَ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَالِ فَسَهْوٌ مَنْشَؤُهُ تَوَهُّمُ أَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ مُوجِبَةٌ لِلْقَوَدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَرَفْت وَقَوْلُهُ رَجَّحَهُ يَعْنِي جَزَمَ بِهِ.
(قَبْضِ نُجُومِ أَجَلٍ تَخْيِيرِ الْوَقْفِ) أَيْ وَكَقَبْضِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ حَتَّى النَّجْمِ الْأَخِيرِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الْعِتْقُ وَالْأَجَلُ وَالْخِيَارُ وَالْوَقْفُ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي فَتَثْبُتُ الْأَرْبَعَةُ بِمَنْ ذَكَرَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَالُ، وَالْعِتْقُ فِي الْأَوَّلِ يَحْصُلُ بِالْكِتَابَةِ، وَقَبْضُ النُّجُومِ مِثَالٌ لِلْمَالِ، وَالْوَقْفُ لِلْآيِلِ إلَيْهِ، وَالْأَجَلُ وَالْخِيَارُ لِحَقِّهِ، ثُمَّ مَثَّلَ لِلْمَالِ أَيْضًا بِأَمْثِلَةٍ فَقَالَ (عَيْنٍ) أَيْ وَكَعَيْنٍ (سُرِقَتْ) فَيَثْبُتُ بِمَنْ ذَكَرَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْقَطْعُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ الْقَطْعِ بِدَلِيلِ اجْتِمَاعِهِمَا بِخِلَافِ الْقَوَدِ مَعَ الدِّيَةِ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَفَا عَنْ مُوجِبِ الْقَوَدِ مَعَ الْحُجَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــS، وَكَذَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ فِيمَا يَبْدُو عِنْدَ مِهْنَةِ الْأَمَةِ إذَا قَصَدَ بِهِ فَسْخَ النِّكَاحِ مَثَلًا أَمَّا إذَا قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ فِي الْعَيْبِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ حِينَئِذٍ الْمَالُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ ذَكَرَ نَحْوَهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَاخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ إثْبَاتُ الْعَيْبِ لِفَسْخِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ لِفَسْخِ نِكَاحٍ لَمْ يُقْبَلْ شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: تَرَكَهُ) أَيْ قَوْلَهُ وَاسْمَعَا (قَوْلُهُ يَعْنِي جَزَمَ بِهِ) يُتَأَمَّلُ مَعَ قَوْلِهِ: التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَنَا، وَكَتَبَ أَيْضًا قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَزْمَ بِهِ مَعَ تَحَقُّقِ الْخِلَافِ فِيهِ تَرْجِيحٌ لَهُ (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ بِمَنْ ذَكَرَ) فَالسَّرِقَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَدَالَةَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ جِنْسَهَا إلَخْ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ جِنْسَ الْعَيْبِ) أَيْ وَلَوْ الَّذِي تَحْتَ الثِّيَابِ فَجِنْسُهُ فِي نَفْسِهِ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا فَكَانَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ) أَيْ غَالِبًا الْعَيْبُ الْخَاصُّ كَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَالرَّتْقِ وَالْقَرْنِ بِخِلَافِ الْجِنْسِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ وَعَجِبَ مِنْ الْبَغَوِيّ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَالْجِرَاحَةُ عَلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ لَا تَلْحَقُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْجِرَاحَةِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا هَكَذَا قَالَهُ، لَكِنَّ جِنْسَ الْعَيْبِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا لَكِنْ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى الْعَيْبِ الْخَاصِّ، وَكَذَا هَذِهِ الْجِرَاحَةُ قُلْت الصَّوَابُ إلْحَاقُ الْجِرَاحَةِ عَلَى فَرْجِهَا بِالْعُيُوبِ تَحْتَ الثِّيَابِ وَعَجَبٌ مِنْ الْبَغَوِيّ كَوْنُهُ ذَكَرَ خِلَافَ هَذَا وَتَعَلَّقَ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ. اهـ (قَوْلُهُ وَتَعَلَّقَ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ) أَيْ اسْمِ الْجِرَاحَةِ حَيْثُ عَلَّلَ بِأَنَّ جِنْسَهَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِهِ أَنْ تَكُونَ كَالْعُيُوبِ تَحْتَ الثِّيَابِ فَمَا تَعَلَّقَ بِهِ يُنَافِي مُدَّعَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَادَّعَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ) قَالَ حَجَرٌ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ مَرْدُودَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا رَيْبَ فِيهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَوَدِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا الرِّجَالُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ
(قَوْلُهُ قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) أَيْ فِي الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ