لِلضَّرُورَةِ كَالتَّطْبِيبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي تَحْرِيمِ النَّظَرِ بِلَا حَاجَةٍ أَنَّ الْمُكَلَّفَ الْوَاضِحَ إذَا أَحْسَنَ أَنْ يَخْتِنَ نَفْسَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُمَكِّنَ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَى عَوْرَتِهِ مِنْ أَنْ يَخْتِنَهُ، وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا تَعَيَّنَ مَنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ، ثُمَّ مَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَأَنَّ الذِّمِّيَّةَ لَا تَخْتِنُ مُسْلِمَةً مَعَ وُجُودِ مُسْلِمَةٍ
(وَاسْمُهُ) أَيْ:، وَالْخِتَانُ (لِلْأُنْثَى) بِاسْمِ الْقَطْعِ بِمَعْنَى مُسَمَّاهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي أَيْ: بِمَا يُسَمَّى قَطْعًا مِنْ اللَّحْمَةِ بِأَعْلَى الْفَرْجِ فَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ، وَإِذَا قُطِعَتْ بَقِيَ أَصْلُهَا كَالنَّوَاةِ (وَخَتْنُهُ) أَيْ: كُلٍّ مِنْ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى (قَبْلَ الْبُلُوغِ أَفْضَلُ) مِنْهُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ (قُلْتُ، وَسَابِعٌ) مِنْ يَوْمِ الْوِلَادَةِ أَيْ: الْخَتْنِ فِيهِ (لِمَنْ يَحْتَمِلُ) الْخَتْنَ أَفْضَلُ مِنْهُ فِيمَا بَعْدَهُ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ، وَالْحَاكِمِ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَتَنَ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ يَوْمَ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِمَا» ، وَلَا يُحْسَبُ يَوْمُهَا مِنْ السَّبْعَةِ عَلَى الْمَنْصُوصِ فِي الْبُوَيْطِيِّ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ حُسِبَ مِنْهَا فِي الْعَقِيقَةِ، وَحَلْقِ الرَّأْسِ، وَتَسْمِيَةِ الْوَلَدِ لِمَا فِي الْخَتْنِ مِنْ الْأَلَمِ الْحَاصِلِ بِهِ الْمُنَاسِبُ لَهُ التَّأْخِيرُ الْمُفِيدُ لِلْقُوَّةِ عَلَى تَحَمُّلِهِ.
(بَابُ الصِّيَالِ) هُوَ الِاسْتِطَالَةُ، وَالْوُثُوبُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ، وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا، أَوْ مَظْلُومًا» ، وَالصَّائِلُ ظَالِمٌ فَيُمْنَعُ مِنْ ظُلْمِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ، وَخَبَرُ «مَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ (يُدْفَعُ صَائِلٌ) عِنْدَ ظَنِّ صِيَالِهِ مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ كَافِرًا حُرًّا، أَوْ قِنًّا مُكَلَّفًا، أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَلَوْ بَهِيمَةً عَنْ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (وَلَوْ عَنْ مَالِ) ، وَإِنْ قَلَّ نَعَمْ لَوْ صَالَ مُكْرَهًا عَلَى إتْلَافِهِ مَالِ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهُ بَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكَ أَنْ يَقِيَ رُوحَهُ بِمَالِهِ كَمَا يُنَاوِلُ الْمُضْطَرَّ طَعَامَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا دَفْعُ الْمُكْرَهِ، وَلَا فَرْقَ فِي الدَّافِعِ بَيْنَ الْمَصُولِ عَلَيْهِ، وَغَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: يُدْفَعُ بِبِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ، وَكَالْمَالِ الِاخْتِصَاصَاتُ مِنْ جِلْدِ مَيْتَةٍ، وَنَحْوِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَسِيطِ، وَغَيْرِهِ (وَاهْدُرْهُ) بِدَرْجِ الْهَمْزَةِ أَيْ: الصَّائِلَ، فَلَا يَضْمَنُ يُقَالُ: أَهْدَرَ السُّلْطَانُ دَمَهُ أَيْ: أَبْطَلَهُ، وَأَبَاحَهُ (لَا الْجَرَّةِ بِالْإِطْلَالِ) أَيْ: مَعَ إطْلَالِهَا أَيْ: إشْرَافِهَا يَعْنِي: سُقُوطَهَا عَلَى إنْسَانٍ، وَلَمْ تَنْدَفِعْ إلَّا بِكَسْرِهَا، وَكَسَرَهَا، فَلَا تَهْدُرْهَا إذْ لَا قَصْدَ لَهَا بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ (وَمَا عَنْ الطَّعَامِ جَائِعًا عَضَلْ) أَيْ: وَلَا تُهْدَرُ بَهِيمَةٌ مَنَعَتْ الْجَائِعَ عَنْ الطَّعَامِ بِالْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهِ إلَّا بِإِتْلَافِهَا، وَأَتْلَفَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ، وَإِتْلَافُهُ لَهَا لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْجُوعِ فَكَانَ (كَذِي اضْطِرَارِ مَالِ غَيْرِهِ أَكَلْ) أَيْ: كَمُضْطَرٍّ أَكَلَ مَالَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُهْدَرُ بَلْ يَغْرَمُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ الْأَصَحَّ فِي الْبَهِيمَةِ نَفْيَ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ عَمَّ الْجَرَادُ الْمَسَالِكَ فَوَطِئَهَا الْمُحْرِمُ، وَقَتَلَ بَعْضَهَا انْتَهَى، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّةَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُنَا لِلْآدَمِيِّ
(وَالدَّفْعُ عَنْ) تَعَاطِي سَبَبٍ (إثْمٍ) كَشُرْبِ خَمْرٍ، وَضَرْبِ طُنْبُورٍ، وَشَدْخِ رَأْسِ حَيَوَانٍ، وَلَوْ لِلشَّادِخِ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ قَطْعًا، وَعَلَى الْآحَادِ، وَلَوْ بِالْأَسْلِحَةِ (عَلَى مَا صَحَّحَهْ) جَمْعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ لِلْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ حَتَّى لَوْ عَلِمَ بِخَمْرٍ فِي بَيْتِ رَجُلٍ، أَوْ طُنْبُورٍ، وَعَلِمَ بِشُرْبِهِ، أَوْ ضَرْبِهِ فَلَهُ أَنْ يَهْجُمَ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَجْهَهُ انْتِقَاضُهُ بِنَحْوِ قَطْعِ الْعُضْوِ الْمُتَآكِلِ فِي صُورَةِ جَوَازِهِ دُونَ وُجُوبِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُكَلَّفَ الْوَاضِحَ إلَخْ.) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَخْتِنَ نَفْسَهُ، وَجَبَ أَنْ يَبْتَاعَ أَمَةً تَخْتِنُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ ذَلِكَ، وَهَلْ يَجِبُ أَنْ يَتَزَوَّجَ زَوْجَةً تَخْتِنُهُ إنْ أَمْكَنَ، وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا فِيهِ نَظَرٌ.
(بَابُ الصِّيَالِ)
(قَوْلُهُ: وَكَالْمَالِ الِاخْتِصَاصَاتُ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ جَوَازُ الدَّفْعِ عَنْهَا، وَلَوْ بِقَتْلِ نَحْوِ الْمُسْلِمِ الْمَعْصُومِ، وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً (قَوْلُهُ: فَلَا يَهْدُرُهَا) نَعَمْ إنْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً بِمَحِلِّ عُدْوَانًا كَأَنْ وُضِعَتْ بِرَوْشَنٍ، أَوْ عَلَى مُعْتَدِلٍ لَكِنَّهَا مَائِلَةٌ لَمْ يَضْمَنْهَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمُرَادُهُ بِعُدْوَانٍ مَا يَضْمَنُ بِهِ بِقَرِينَةِ مِثَالِهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَلَا تُهْدَرُ بَهِيمَةٌ مَنَعَتْ إلَخْ.) يَنْبَغِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْبَهِيمَةِ سِوَى مُجَرَّدِ الْحَيْلُولَةِ، أَمَّا لَوْ قَصَدَتْ إتْلَافَ الطَّعَامِ بِأَكْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (بَابُ الصِّيَالِ)
(قَوْلُهُ: فَمَنْ اعْتَدَى إلَخْ.) فِيهِ أَنَّ الصَّائِلَ لَمْ يَعْتَدِ بِالْفِعْلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْآيَةُ شَامِلَةٌ لِلْمُعْتَدِي حُكْمًا، وَهُوَ مُرِيدُ الِاعْتِدَاءِ، وَقَوْلُهُ: {بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] أَيْ: جِنْسِهِ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الصَّائِلَ يُدْفَعُ بِالْأَخَفِّ (قَوْلُهُ: يُدْفَعُ إلَخْ.) لَوْ قَتَلَ الدَّاخِلَ، وَادَّعَى الدَّفْعَ كُلِّفَ بَيِّنَةً، وَلَوْ بِأَنَّهُ دَخَلَ شَاهِرًا سِلَاحَهُ مُطْلَقًا، أَوْ بِسِلَاحٍ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالْفَسَادِ، وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ ظَنِّ صِيَالِهِ) أَيْ: ظَنًّا قَوِيًّا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ م ر عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بَهِيمَةً) أَخَذَهُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِمَا دُونَ مِنْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَالِ) فَإِنَّ الدَّفْعَ عَنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ مِنْهُ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ، وَلَوْ كَانَ لِلْغَيْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، أَمَّا الْحَيَوَانُ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ. اهـ. م ر وع ش، وَمَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الدَّفْعِ عَنْ الْمَالِ فِي غَيْرِ الْوُلَاةِ، أَمَّا هُمْ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الدَّفْعُ، وَفِي غَيْرِ الْوَلِيِّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ، وَالْوَدِيعِ، وَالْمَالِ الْمَرْهُونِ، وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَفِي غَيْرِ مَا إذَا لَزِمَ عَلَى عَدَمِ الدَّفْعِ نَقْصُ جَاهٍ، أَوْ مَنْصِبٍ، أَوْ خَسَارَةٌ. اهـ. ق ل، وَلَمْ يَرْتَضِ ع ش وُجُوبُ الدَّفْعِ عَلَى غَيْرِ الرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِهِمَا فَرَاجِعْهُ