إمْسَاكُهَا، وَرَدُّ بَدَلِهَا
(تَنْبِيهٌ) تَبِعْت فِي تَعْبِيرِي بِالرُّكْبَانِ النَّظْمَ، وَأَصْلَهُ، وَغَيْرَهُمَا لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ كَذَا، وَقَعَ فِي النُّسَخِ رُكْبَانُ، وَهُوَ مُنَكَّرٌ، وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ رِكَابُ السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّ الرُّكْبَانَ رَاكِبُو الْإِبِلِ خَاصَّةً، وَقِيلَ رَاكِبُو الدَّوَابِّ
(وَالْمَنْجَنِيقُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا (إنْ يَعُدْ مِنْهُ الْحَجَرْ عَلَى الرُّمَاةِ) بِهِ فَقَتَلَهُمْ (مِنْ دَمِ الْكُلِّ هَدَرْ حِصَّتُهُمْ) أَيْ: هُدِرَ مِنْ دَمِ كُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ مِنْ دِيَتِهِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِينَ الْبَاقِي مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِهِمْ خَطَأً فَلَوْ كَانُوا عَشَرَةً هُدِرَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ عُشْرُ دِيَتِهِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْ التِّسْعَةِ عُشْرُهَا، وَلَوْ عَادَ الْحَجَرُ عَلَى بَعْضِهِمْ فَقَتَلَهُ هُدِرَ مِنْهُ حِصَّتُهُ (وَإِنْ أُصِيبَ) بِالْحَجَرِ (وَاحِدُ) مَثَلًا مِنْ غَيْرِهِمْ (قَصْدًا بِقُدْرَةٍ) أَيْ: قَاصِدِينَ لَهُ مَعَ قُدْرَتِهِمْ عَلَى إصَابَتِهِ بِالْحَجَرِ بِأَنْ غَلَبَتْ إصَابَتُهُمْ مَنْ قَصَدُوهُ بِهِ لِحِذْقِهِمْ (فَكُلٌّ) مِنْهُمْ (عَامِدُ) لِصِدْقِ حَدِّ الْعَمْدِ بِذَلِكَ (وَقَصْدُهُمْ إيَّاهُ قَادِرِينَ عَلَى امْرِئٍ مِنْهُمْ، وَلَا تَعْيِينَا) يَعْنِي: وَقَصْدُهُمْ وَاحِدًا مُعَيَّنًا مِنْ غَيْرِهِمْ مَعَ إصَابَتِهِ حَالَةَ كَوْنِهِمْ قَادِرِينَ عَلَى إصَابَةِ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَعْنِي: مِنْ غَيْرِهِمْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَلَمْ تَغْلِبْ إصَابَتُهُمْ مَنْ قَصَدُوهُ (شَبِيهُ عَمْدٍ) ، وَكَذَا إنْ قَصَدُوا مُبْهَمًا مَعَ غَلَبَةِ إصَابَتِهِمْ مَنْ قَصَدُوهُ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ يَعْتَمِدُ قَصْدَ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَى الْآمِرِ فِي قَوْلِهِ: اُقْتُلْ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ، وَإِلَّا قَتَلْتُك، وَقَوْلُهُ مِنْهُمْ يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالنُّونِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَعَ إسْكَانِ الْمِيمِ لِلْوَزْنِ فَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَا تَعْيِينَا تَأْسِيسٌ عَلَى الْأَوَّلِ، وَتَأْكِيدٌ لِمُبْهَمٍ عَلَى الثَّانِي، وَلَوْلَاهُ تَعَيَّنَ قِرَاءَةُ ذَلِكَ بِالْبَاءِ كَمَا فِي عِبَارَةِ الْحَاوِي (وَإِنْ الْقَصْدُ) مِنْ الرُّمَاةِ لِوَاحِدٍ (فُقِدْ) ، وَقَدْ أَصَابُوا وَاحِدًا (فَخَطَأٌ كَصَيْبِ غَيْرِ مَنْ قُصِدْ) أَيْ: كَإِصَابَتِهِمْ غَيْرَ مَنْ قَصَدُوهُ فَإِنَّهَا خَطَأٌ فَالصَّيْبُ بِمَعْنَى الْإِصَابَةِ يُقَالُ: صَابَهُ السَّهْمُ صَيْبًا بِمَعْنَى أَصَابَهُ إصَابَةً قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَقَوْلُ النَّظْمِ كَصَيْبِ غَيْرِ مَنْ قُصِدْ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(بَابُ الْبُغَاةِ) جَمْعُ بَاغٍ سُمُّوا بِذَلِكَ لِمُجَاوَزَتِهِمْ الْحَدَّ، وَقِيلَ: لِطَلَبِ الِاسْتِعْلَاءِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] الْآيَةَ، وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ لَكِنَّهَا تَشْمَلُهُ لِعُمُومِهَا، أَوْ تَقْتَضِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا طُلِبَ الْقِتَالُ لِبَغْيِ طَائِفَةٍ عَلَى طَائِفَةٍ فَلِلْبَغْيِ عَلَى الْإِمَامِ، أَوْلَى، وَأَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى قِتَالِهِمْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ:، وَقِتَالُهُمْ وَاجِبٌ، فَإِنْ رَجَعُوا إلَى الطَّاعَةِ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُمْ، وَتُرِكَ قِتَالُهُمْ، وَأَطْلَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْبَغْيَ لَيْسَ بِاسْمِ ذَمٍّ، وَأَنَّ الْبُغَاةَ لَيْسُوا فَسَقَةً كَمَا أَنَّهُمْ لَيْسُوا كَفَرَةً لَكِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِي تَأْوِيلِهِمْ، وَبَعْضُهُمْ سَمَّاهُمْ عُصَاةً، وَقَالَ: لَيْسَ كُلُّ مَعْصِيَةٍ فِسْقًا، وَعَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا سِوَى الْأَرْشِ الْحَاصِلِ بِالْغَرَقِ، فَلَا يَسْتَرِدُّهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ، وَاضِحٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِمْ) أَيْ: بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: فَكُلٌّ عَامِدٌ إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمِيعِ إنْ احْتَمَلَ إرَادَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ، وَحِينَئِذٍ، فَمُقَابَلَةُ هَذَا لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ، وَقَصْدُهُمْ إيَّاهُ إلَخْ. قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مِنْهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِالنُّونِ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ:، وَكَذَا إنْ قَصَدُوا بِهِمَا إلَخْ.) وَحِينَئِذٍ، فَلَا حَاجَةَ فِي تَصْوِيرِ الْمَتْنِ إلَى قَوْلِهِ: السَّابِقِ، وَلَمْ تَغْلِبْ إصَابَتُهُمْ
(بَابُ الْبُغَاةِ) (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) قَضِيَّتُهُ تُخَالِفُ الْقَوْلَيْنِ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَجْعَلُهُمْ عُصَاةً، وَيَحْتَاجُ عَلَى هَذَا إلَى حَمْلٍ يُحَرِّمُ الْخُرُوجَ عَلَى الْإِمَامِ، وَلَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ.) فِي م ر أَنَّهُ يَرُدُّهُ إنْ بَقِيَ، وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ. اهـ.
(قَوْلُهُ مَنْ قَصَدُوهُ) أَيْ: الْمُعَيَّنَ.
[بَابُ الْبُغَاةِ]
(بَابُ الْبُغَاةِ) (قَوْلُهُ: أَوْ تَقْتَضِيهِ) أَيْ: تَسْتَلْزِمُهُ، وَمَنْشَأُ التَّرْدِيدِ الْخِلَافُ فِي عُمُومِ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَإِنْ قُلْنَا: تَعُمُّ شَمِلَتْهُ الْآيَةُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَعُمُّ اسْتَلْزَمَتْهُ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ الْأَوْلَى، وَالطَّائِفَةُ تُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ، أَوْ الْمُرَادُ الْإِمَامُ وَجَيْشُهُ. اهـ. بج (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الْأَصْحَابُ إلَخْ.) ، فَلَا يَجُوزُ الطَّعْنُ فِي مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ، وَلَا يَجُوزُ لَعْنُ يَزِيدَ، وَلَا تَكْفِيرُهُ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمْرُهُ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إنْ شَاءَ رَحِمَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي، وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحَرُمَ عَلَى الْوَاعِظِ، وَغَيْرِهِ رِوَايَةُ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ، وَالْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَحِكَايَاتُهُ، وَمَا جَرَى بَيْنَ الصَّحَابَةِ مِنْ التَّشَاجُرِ، وَالتَّخَاصُمِ فَإِنَّهُ مُهَيِّجٌ عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَالطَّعْنُ فِيهِمْ، وَهُمْ أَعْلَامُ الدِّينِ تَلَقَّى الْأَئِمَّةُ الدِّينَ مِنْهُمْ رِوَايَةً، وَنَحْنُ مِنْ الْأَئِمَّةِ دِرَايَةً فَالطَّاعِنُ فِيهِمْ مَطْعُونٌ طَاعِنٌ فِي نَفْسِهِ، وَدِينِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ فِي كِتَابِ مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ: وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِهِ الْإِرْشَادِ، وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ، وَكَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةُ أَلْفٍ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ صَحَابِيٍّ عِنْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقُرْآنُ، وَالْأَخْبَارُ مُصَرِّحٌ بِعَدَالَتِهِمْ، وَجَلَالَتِهِمْ، وَلِمَا جَرَى بَيْنَهُمْ مَحَامِلُ لَا يَحْتَمِلُ ذِكْرَهَا الْكِتَابُ. اهـ. أَنْوَارٌ (قَوْلُهُ: لَيْسُوا فَسَقَةً) أَيْ: وَلَا عُصَاةً مَتَى كَانَ لَهُمْ تَأْوِيلٌ غَيْرُ قَطْعِيِّ الْبُطْلَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَهْلِيَّةُ الِاجْتِهَادِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر