بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (بَابُ الْجِرَاحِ) وَجَمْعُ جِرَاحَةٍ وَهِيَ إمَّا مُزْهِقَةٌ لِلرُّوحِ، أَوْ مُبِينَةٌ لِلْعُضْوِ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَطَرِيقُ الْمُؤَاخَذَةِ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْجِرَاحِ
كَمَا سَيَأْتِي فَالتَّرْجَمَةُ بِهِ لِكَوْنِهِ أَغْلَبَ طُرُقِ التَّفْوِيتِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْجِنَايَاتِ كَانَ أَوْلَى لِيَتَنَاوَلَ التَّفْوِيتَ بِغَيْرِ الْمُحَدَّدِ أَيْضًا كَالْمُثَقَّلِ، وَالتَّجْوِيعِ، وَالسِّحْرِ، وَالْقَتْلِ الْحَرَامِ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ فَقَدْ «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قِيلَ، ثُمَّ أَيُّ: قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَيَتَعَلَّقُ بِالتَّفْوِيتِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَرَاءَ الْعُقُوبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ مُؤَاخَذَاتٌ دُنْيَوِيَّةٌ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (وَمُعْقِبٌ) أَيْ:، وَالْفِعْلُ الْمُعْقِبُ (لِتَلَفِ الْمَعْصُومِ فِي حَالَيْنِ مِنْ إصَابَةٍ وَتَلَفِ) يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، وَالضَّمَانَ بِمَالٍ، أَوْ الْقَوَدَ كَمَا سَيَأْتِي وَبَدَأَ بِالْكَفَّارَةِ، ثُمَّ بِضَمَانِ الْمَالِ، ثُمَّ بِالْقَوَدِ تَقْدِيمًا لِلْأَعَمِّ فَالْأَعَمِّ، وَالْعِصْمَةِ (إمَّا بِإِيمَانٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابُ الْجِرَاحِ)
(قَوْلُهُ: قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك إلَخْ) لَعَلَّ مَبْنَى الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا إلْغَاءُ مَا فِيهِ مِنْ الْخُصُوصِ وَالتَّقْيِيدِ بِالْأَدِلَّةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ عَلَى بَعْضِ الْمَطْلُوبِ. (قَوْلُهُ: وَرَاءَ الْعُقُوبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ) كَذَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ، وَقَضِيَّتُهُ بَقَاءُ الْعُقُوبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ مَعَ الْمُؤَاخَذَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ وَذَنْبِ الْإِقْدَامِ فَذَنْبُ الْإِقْدَامِ لَا يُسْقِطُهُ إلَّا التَّوْبَةُ، وَحَقُّ الْآدَمِيِّ يَسْقُطُ بِتِلْكَ الْمُؤَاخَذَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فِي حَالَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: الْمَعْصُومُ، وَقَوْلُهُ: مِنْ إصَابَةٍ وَتَلَفٍ بَيَانٌ لِلْحَالَيْنِ. (قَوْلُهُ: إمَّا بِإِيمَانٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ الْجِرَاحِ]
(قَوْلُهُ: يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، وَالضَّمَانَ إلَخْ) أَيْ مَتَى عُصِمَ حَالَتَيْ الْإِصَابَةِ، وَالتَّلَفِ إنْ عُصِمَ حَالَةَ الْفِعْلِ أَيْضًا كَالرَّمْيِ وَجَبَ الْقَوَدُ وَإِلَّا فَالْكَفَّارَةُ، وَالضَّمَانُ بِالْمَالِ فَقَطْ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا سِوَى الشَّرْطِ إلَخْ فَقَوْلُهُ: أَوْ الْقَوَدِ أَيْ إنْ عُصِمَ حَالَةَ الْفِعْلِ أَيْضًا وَفِي شَرْحِ م ر لِلْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَوَدِ الْعِصْمَةُ، وَالْمُكَافَأَةُ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى الزَّهُوقِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ جَرَحَ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ لَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُكَافِئُهُ إلَى الزَّهُوقِ اهـ.
رَشِيدِيٌّ وَفِي ع ش بَعْدَ الِاعْتِرَاضِ أَنَّ الْعِصْمَةَ تُعْتَبَرُ إلَى الزَّهُوقِ وَأَمَّا الْمُكَافَأَةُ فَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ حَالَ الْجِنَايَةِ فَتَأَمَّلْ وَكَتَبَ شَيْخُنَا ذ عَلَى حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ مَا نَصُّهُ حَاصِلُهُ أَنَّ الْعِصْمَةَ تُعْتَبَرُ مِنْ أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْفِعْلِ إلَى الزَّهُوقِ، وَالْمُكَافَأَةُ تُعْتَبَرُ مِنْ أَوَّلِ الْجِنَايَةِ إلَى تَمَامِ الْفِعْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: تَقْدِيمًا لِلْأَعَمِّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَكُونُ مَعَ كُلٍّ مِنْ الْقَوَدِ، وَالدِّيَةِ وَضَمَانُ الْمَالِ قَدْ يَكُونُ مَعَ الْقَوَدِ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَمَا لَوْ