وَقَدْ انْتَفَى ذَلِكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِاشْتِغَالِ الرَّحِمِ وَعَلَيْهِ سَيَأْتِي أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ إلَى وَضْعِ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ
(أَمَّا) إذَا كَانَتْ الْعِدَّتَانِ (لِشَخْصَيْنِ) فَلَا تَدَاخُلَ لِتَعَدُّدِ الْمُسْتَحِقِّ كَمَا فِي الدَّيْنَيْنِ بَلْ إنْ كَانَ ثَمَّ حَمْلٌ (فَبِالْحَمْلِ بَدَا) مَنْ تَعْتَدُّ، سَوَاءٌ كَانَ سَابِقًا أَمْ لَاحِقًا؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُطَلِّقِ ثُمَّ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ انْقَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ بِالْوَضْعِ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لِلشُّبْهَةِ بَعْدَ الطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ وَلِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ قَالَ الرُّويَانِيُّ إلَّا حَالَة اجْتِمَاعُ الْوَاطِئِ بِهَا لِخُرُوجِهَا حِينَئِذٍ عَنْ عِدَّتِهِ بِكَوْنِهَا فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ حَكَاهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْخُرُوجُ مِنْ عِدَّةِ الْحَمْلِ، وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالْحَمْلِ لِوَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرَّجْعَةَ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَمَنْ تَبِعَهُ. اهـ. وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ، وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَإِذَا وَضَعَتْ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ ثُمَّ تَأْتِي بِعِدَّةِ الْمُطَلِّقِ، أَوْ بَقِيَّتِهَا بَعْدَ الطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الْبَقِيَّةِ وَفِي مُدَّةِ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْعِدَّةِ كَالْحَيْضِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ.
وَفِي كَوْنِ مُدَّةِ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ مِنْ جُمْلَةِ الْعِدَّةِ نَظَرٌ (ثُمَّ لِتَطْلِيقٍ) أَيْ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ وَكَانَ تَطْلِيقٌ فَبَعْدَهُ التَّطْلِيقُ (بَدَا) مَنْ تَعْتَدُّ، سَوَاءٌ كَانَ سَابِقًا أَمْ لَاحِقًا لِقُوَّةِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ لِتَعَلُّقِهَا بِالنِّكَاحِ ثُمَّ تَشْرَعُ فِي عِدَّةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، أَوْ فِي بَقِيَّتِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَاقٌ كَعِدَّتَيْنِ لِوَطْأَيْ شُبْهَةٍ قُدِّمَتْ عِدَّةُ الْأَوَّلِ وَكَعِدَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا لِوَطْءِ شُبْهَةٍ وَالْأُخْرَى لِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَتُقَدَّمُ عِدَّةُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى وَطْءِ النِّكَاحِ وَكَذَا إنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَجَرَى قَبْلَ التَّفْرِيقِ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُ مِنْ الْوَطْءِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّفْرِيقِ الَّذِي مِنْهُ ابْتِدَاءً وُجُوبُ عِدَّةِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَلَيْسَ لَهُ قُوَّةُ الصَّحِيحِ حَتَّى يُرَجَّحَ بِهَا وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ كَغَيْرِهِ عَدَمَ تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ شَخْصَيْنِ مَا لَوْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ الثَّانِي، أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا بَعْدَ دُخُولِهِمَا بِأَمَانٍ وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَالنَّصُّ عَلَى أَنَّهُ يَكْتَفِي بِعِدَّةٍ وَاحِدَةٍ لِضَعْفِ حُقُوقِهِمْ وَعَدَمِ احْتِرَامِ مَائِهِمْ فَيُرَاعَى أَصْلُ الْعِدَّةِ وَيُجْعَلُ جَمِيعُهُمْ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ وَرَجَّحَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَعَلَيْهِ رَجَّحَ النَّوَوِيُّ سُقُوطَ بَقِيَّةِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ لِضَعْفِ حُقُوقِهِمْ وَبُطْلَانِهَا بِالِاسْتِيلَاءِ وَقِيلَ تَدْخُلُ فِي الثَّانِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمَعْطُوفٌ عَلَى بِالْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الطُّهْرِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ النِّفَاسِ (قَوْلُهُ إلَّا حَالَةَ اجْتِمَاعِ الْوَاطِئِ بِهَا) أَيْ: إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمْنَا لَمْ يَزِدْ. . إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ يَزِيدُ؛ لِأَنَّهَا فِرَاشُ الْغَيْرِ حَالَ الِاجْتِمَاعِ وَلَيْسَتْ فِرَاشُهُ فِي دَوَامِ عِدَّتِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْفِرَاشِ وَمُجَرَّدِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرَّجْعَةَ) قَدْ يُقَالُ: هُوَ أَيْضًا مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ لِاعْتِبَارِ التَّفْرِيقِ كَمَا يَأْتِي فِي الْهَامِشِ عَنْ الْإِرْشَادِ وَشُرُوحِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ فَلَيْسَتْ فِرَاشًا فِيهَا لِلْوَاطِئِ حَتَّى يَمْتَنِعَ عَلَى الزَّوْجِ الْمُرَاجَعَةُ فِيهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نَظَرٌ) قَدْ يُقَوِّي النَّظَرُ قَوْلَهُ السَّابِقَ بَعْدَ الطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ فَتَأَمَّلْهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِدَّةِ السَّابِقَةِ الَّتِي تَجُوزُ الْمُرَاجَعَةُ فِيهَا وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا النَّظَرِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا مِنْ تَوَابِعِهَا (قَوْلُهُ: حَتَّى يُرَجِّحَ بِهَا) أَيْ: الْقُوَّةِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ) كَأَنْ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ مَثَلًا ثُمَّ يَنْكِحُهَا الثَّانِي فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ مَعَهُ فِيهَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرَّوْضِ
(فَرْعٌ) تَزَوَّجَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً مُعْتَدَّةً مِنْ حَرْبِيٍّ، أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ مَعَهُ كَفَاهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُ. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ فَرْضِ عِدَّةٍ لِلثَّانِي يَقْتَضِي أَنَّ نِكَاحَهُ غَيْرُ ثَابِتٍ مَعَ أَنَّ نِكَاحَ الْكُفَّارِ فِي الْعِدَّةِ يُقَرُّونَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ بَاقِيَةً عِنْدَ الْإِسْلَامِ وَلَا اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ فَلَعَلَّ هَذَا الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِي صُورَةِ التَّزَوُّجِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً عِنْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ، أَوْ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا الثَّانِي إلَّا أَنَّ هَذِهِ لَا تُنَاسِبُ قَوْلَ شَرْحِ الرَّوْضِ كَفَاهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُ أَيْ: مِنْ وَقْتِ وَطْئِهِ، بَلْ إذَا فُرِضَ طَلَاقٌ بَعْدَ نِكَاحٍ يُقِرُّ عَلَيْهِ كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ لَا مِنْ الْوَطْءِ قَبْلَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ الثَّانِي. . إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ حَبِلَتْ مِنْ الْأَوَّلِ لَا مِنْ الثَّانِي لَمْ يَكْفِهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ فَتَعْتَدُّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْوَضْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَبِلَتْ مِنْ الثَّانِي فَيَكْفِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ: تَرْجِيحُ النَّوَوِيِّ وَضْعُ الْحَمْلِ وَتَسْقُطُ بَقِيَّةُ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي تُتِمُّ الْأُولَى بَعْدَ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْ الْأَوَّلِ، فَلَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ الثَّانِي مَعَهَا وَلَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا بَعْدَ دُخُولِهِمَا بِأَمَانٍ أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ وَاسْتَأْنَفَتْ عِدَّةً لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ الثَّانِيَةَ لَيْسَتْ أَقْوَى حَتَّى تَسْقُطَ بَقِيَّةُ الْأُولَى، أَوْ تَدْخُلُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ مَعَهَا، أَوْ دُونَهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَالنَّصُّ. . إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: رَجَّحَ النَّوَوِيُّ سُقُوطَهُ بَقِيَّةَ. . إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَهَا رَجْعَةٌ لِلْأَوَّلِ أَيْ: فِي بَقِيَّةِ عِدَّتِهِ إنْ أَسْلَمَ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلِلثَّانِي أَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ الثَّانِي) فَلَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُسْلِمْ الثَّانِي وَجَبَ أَنْ تُكْمِلَ الْعِدَّةَ الْأُولَى ثُمَّ تَعْتَدُّ عَنْ الثَّانِي قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ الثَّانِيَةَ لَيْسَتْ هُنَا أَقْوَى حَتَّى تَسْقُطَ بَقِيَّةُ الْأُولَى أَوْ تَدْخُلَ فِيهَا. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ: سُقُوطُ بَقِيَّةِ عِدَّةِ الْأُولَى) أَيْ فَتَكُونُ الْعِدَّةُ لِلثَّانِي فَقَطْ وَعَلَى الثَّانِي تَكُونُ الْبَقِيَّةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مَا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا وَأَسْلَمَتْ مَعَ الثَّانِي ثُمَّ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي بَقِيَّةِ عِدَّتِهِ إنْ قُلْنَا بِدُخُولِهَا فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ قُلْنَا بِسُقُوطِهَا فَلَا وَمَا لَوْ أَرَادَ الثَّانِي أَنْ يَنْكِحَهُمَا فَلَهُ ذَلِكَ إنْ قُلْنَا بِسُقُوطِ بَقِيَّةِ الْعِدَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ فَقَطْ وَإِنْ قُلْنَا بِدُخُولِهَا فِي الثَّانِيَةِ فَلَا حَتَّى تَنْقَضِيَ تِلْكَ الْبَقِيَّةُ وَمَا لَوْ أَحْبَلَهَا الثَّانِي فَإِنْ قُلْنَا تَسْقُطُ بَقِيَّةُ الْأُولَى فَكَذَا هُنَا وَيَكْفِيهَا وَضْعُ الْحَمْلِ وَإِنْ قُلْنَا