إيرَادُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ تَصْحِيحِ الْبَغَوِيّ وَجَمَاعَةٍ وَنَقَلَ عَنْ اخْتِيَارِ الْمُزَنِيّ وَتَصْحِيحِ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْمَحَامِلِيِّ وَصَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمْ تَكْمِيلَ عِدَّةِ الْحُرَّةِ فِي الْبَائِنِ أَيْضًا.
وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فَقَالَ إنَّهُ أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ بِالْقِيَاسِ حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الْعِدَّةِ أَوْلَى، أَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ بِأَنْ تَصِيرَ الْحُرَّةُ أَمَةً فِي الْعِدَّةِ لِالْتِحَاقِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَفِيهِ وَجْهَانِ فِي التَّتِمَّةِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ تُكَمِّلُ عِدَّةِ حُرَّةٍ وَثَانِيهِمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ تَرْجِعُ إلَى عِدَّةِ الْأَمَةِ
(بِفُرْقَةٍ حَيَاةَ زَوْجٍ) أَيْ: تَعْتَدُّ الْحُرَّةُ بِسَبَبِ فُرْقَةٍ فِي حَيَاةِ الزَّوْجِ (إنْ هِيَا اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ) الْمُحْتَرَمَ (أَوْ وَطَيًّا) بِقَلْبِ الْهَمْزَةِ يَاءً لِلتَّخْفِيفِ وَالْمُنَاسَبَةِ أَيْ: أَوْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ، وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ وَاسْتِدْخَالُ الْمَرْأَةُ مَنِيَّ مَنْ تَظُنُّهُ زَوْجَهَا وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ الْمَنِيُّ إذَا ضَرَبَهُ الْهَوَاءُ لَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ الْوَلَدُ غَايَتُهُ ظَنٌّ، وَهُوَ لَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَضَبَطَ الْمُتَوَلِّي الْوَطْءَ الْمُوجِبَ لِلْعِدَّةِ بِكُلِّ وَطْءٍ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ، وَإِنْ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ.
كَمَا لَوْ زَنَى مُرَاهِقٌ بِبَالِغَةٍ، أَوْ مَجْنُونٌ بِعَاقِلَةٍ، أَوْ مُكْرَهٌ بِطَائِعَةٍ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا أَشَلَّ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ كَالذَّكَرِ الْمُبَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَطْءٌ وَلَا اسْتِدْخَالٌ فَلَا عِدَّةَ بِفُرْقَةِ الْحَيَاةِ، وَلَوْ بَعْدَ الْخَلْوَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] الْخِطَابُ لِلْأَزْوَاجِ وَقِيسَ عَلَيْهِمْ الْوَاطِئُ بِشُبْهَةٍ وَعَلَى مَسِّهِمْ أَيْ وَطْئِهِمْ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ بِأَنْ كَانَ مِنْ زِنًا وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْبَغَوِيِّ أَنَّهُ كَالْمُحْتَرَمِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ
(وَلَوْ) كَانَ الْوَاطِئُ (صَبِيًّا) لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ (وَخَصِيًّا) أَيْ: مَسْلُولَ الْأُنْثَيَيْنِ بَاقِيَ الذَّكَرِ (وَامْرَأَ عَلَّقَ) طَلَاقَ زَوْجَتِهِ (بِاسْتِيقَانِهَا أَنْ تَبْرَأَ) أَيْ: بِتَيَقُّنِهَا بَرَاءَةَ رَحِمَهَا كَقَوْلِهِ لَهَا مَهْمَا تَيَقَّنْت بَرَاءَةَ رَحِمِك عَنْ مَنِيِّي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ فَتَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَى مَوْطُوءَةِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَمَلًا بِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَنَّ الْإِنْزَالَ خَفِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَيَعْسُرُ تَتَبُّعُهُ فَأَعْرَضَ الشَّرْعُ عَنْهُ وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ، وَهُوَ الْوَطْءُ كَمَا اكْتَفَى فِي التَّرَخُّصِ بِالسَّفَرِ وَأَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ مَعَ أَنَّ الْخَصِيَّ قَدْ يَلْتَذُّ وَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا.
أَمَّا مَجْبُوبُ الذَّكَرِ بَاقِي الْأُنْثَيَيْنِ، فَلَا عِدَّةَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِفُرْقَةِ الْحَيَاةِ حَيْثُ لَمْ تَسْتَدْخِلْ مَنِيَّهُ فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ لَحِقَهُ لِإِمْكَانِهِ فَتَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ، وَإِنْ نَفَاهُ بِخِلَافِ الْمَمْسُوحِ لَا عِدَّةَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِذَلِكَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ وَالْمَوْطُوءَةُ صَغِيرَيْنِ جِدًّا لَكِنَّ الزَّرْكَشِيَّ اعْتَمَدَ مَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّ اسْتِدْخَالَ ذَكَرِ ابْنِ سَنَةٍ مَثَلًا لَا يُوجِبُ عِدَّةً وَعَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ تَقْيِيدِهِ الصَّغِيرَةَ الَّتِي يَجِبُ بِوَطْئِهَا الْعِدَّةُ بِاَلَّتِي تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: بِوُجُوبِهَا فِيهِمَا اكْتِفَاءً بِجَرَيَانِ سَبَبِ الشُّغْلِ، وَهُوَ الْوَطْءُ
(ثَلَاثَةَ الْقُرُوءِ أَطْهَارًا) أَيْ: تَعْتَدُّ الْحُرَّةُ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ أَيْ أَطْهَارٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ: فِي زَمَنِهَا، وَهُوَ زَمَنُ الطُّهْرِ إذْ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ مُحَرَّمٌ كَمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّ الْقُرْءَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ قَرَأْت الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَيْ: جَمَعْتُهُ فِيهِ فَالطُّهْرُ أَحَقُّ بِاسْمِ الْقُرْءِ لِأَنَّهُ زَمَنُ اجْتِمَاعِ الدَّمِ فِي الرَّحِمِ وَالْحَيْضُ زَمَنُ خُرُوجِهِ مِنْهُ فَيَنْصَرِفُ الْإِذْنُ إلَى زَمَنِ الطُّهْرِ الَّذِي هُوَ زَمَنُ الْعِدَّةِ وَزَمَنُهَا يَعْقُبُ زَمَنَ الطَّلَاقِ وَالْقَرْءُ بِفَتْحِ الْقَافِ أَكْثَرُ مِنْ ضَمِّهَا وَهُوَ لُغَةً مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الطُّهْرُ كَمَا تَقَرَّرَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: الْحَيْضُ، وَهُوَ مَا احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ
(لَنَا) بِمَعْنَى عِنْدَنَا وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْرَاءٍ وَقُرُوءٍ وَأَقْرُؤٍ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ لِالْتِحَاقِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ) أَيْ: ثُمَّ اسْتِرْقَاقِهَا
(قَوْلُهُ: أَوْ مُكْرَهٌ بِطَائِعَةٍ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِعَدَمِ لُحُوقِ الْوَلَدِ الْحَاصِلِ مِنْ وَطْءِ الْمُكْرَهِ عَلَى الزِّنَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَ النَّسَبَ عَنْ الزَّانِي وَهَذَا زَانٍ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْفِعْلِ آثِمٌ بِهِ، وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ. اهـ.
وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ لِهَذَا الْوَطْءِ وَيُفَارِقُ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ بِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ مُخَاطَبٌ بِالِامْتِنَاعِ آثِمٌ بِالْفِعْلِ بِخِلَافِهِمَا م ر (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، بَلْ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقِيسَ. . إلَخْ) أَيْ: فِي الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ: الْمَنِيُّ الْمُحْتَرَمُ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اعْتِبَارَ الِاحْتِرَامِ وَقْتَ الْإِنْزَالِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِدْخَالُ مُحَرَّمًا
(قَوْلُهُ: وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ) أَوْ كَانَ الْوَاطِئُ طِفْلًا أَوْ الْمَوْطُوءَةُ طِفْلَةً (قَوْلُهُ، فَلَا عِدَّةَ عَلَى زَوْجَتِهِ) فِي شَرْحِ الْجَوْجَرِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَوْرَاقٍ نَقْلًا عَنْ الْخَادِمِ أَنَّ زَوْجَةَ الْمَجْبُوبِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ إنْ حَصَلَ اسْتِدْخَالُ مَنِيٍّ وَأُظْهِرَ حَمْلٌ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ. اهـ. بِرّ (قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ: بِفُرْقَةِ الْحَيَاةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَشْبَهَ الْقَوْلَيْنِ بِالْقِيَاسِ) أَيْ: لِأَنَّهُ وَجَدَ سَبَبَ الْعِدَّةِ الْكَامِلَةِ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ فَتَنْتَقِلُ إلَيْهَا كَمَا لَوْ رَأَتْ الدَّمَ فِي خِلَالِ الْأَشْهُرِ (قَوْلُهُ: عِدَّةُ حُرَّةٍ) أَيْ لِتَقَرُّرِ الْوَاجِبِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِمَا طَرَأَ وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَتَقَتْ الرَّجْعِيَّةُ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ هُنَاكَ مَا ذُكِرَ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: أَوْ وَطِئَا) أَيْ: وَلَوْ مَعَ ظَنِّهَا أَجْنَبِيَّةً فَإِذَا فَارَقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ بِاعْتِقَادِهِ زِنًا ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ زَنَى مُرَاهِقٌ. . إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَالْإِثْمُ صَارَ وَطْؤُهُ كَالشُّبْهَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ زِنًا بِقَصْدِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَكَانَ الْقِيَاسُ عَدَمَ الْعِدَّةِ. اهـ. شَيْخُنَا. اهـ. مَرْصِفِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ مُكْرَهٌ) خَالَفَ فِيهِ م ر فَقَالَ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِوَطْءِ الْمُكْرَهِ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَسُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ لَا أَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ بَلْ هُوَ آثِمٌ. اهـ. فَهَذَا الضَّابِطُ لَا يَتِمُّ عِنْدَهُ وَإِنْ تَمَّ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي وَمَنْ تَبِعَهُ كَحَجَرٍ (قَوْلُهُ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ) ضَعِيفٌ كَمَا يُفِيدُهُ ق ل
(قَوْلُهُ وَعَنْ الْمُتَوَلِّي. . إلَخْ) سَيَأْتِي فِي الْإِحْدَادِ أَنَّ الصَّغِيرَةَ