الْخُرُوجَ عَنْ الصَّوْمِ يُبَاحُ بِفَرْطِ الْجُوعِ دُونَ الشَّبَقِ وَالْعَجْزُ عَنْ التَّتَابُعِ كَالْعَجْزِ عَنْ أَصْلِ الصَّوْمِ وَلَا تُعْطَى الْكَفَّارَةُ كَافِرًا وَلَا هَاشِمِيًّا وَلَا مُطَّلَبِيًّا وَلَا مَوَالِيَهُمَا وَلَا عَبْدًا وَلَا مَنْ يَلْزَمُ الْمُكَفِّرَ نَفَقَتُهُ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَلَا مُكَاتَبًا
(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ) الْقَذْفُ لُغَةً الرَّمْيُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا وَاللِّعَانُ لُغَةً مَصْدَرُ لَاعَنَ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ جَمْعًا لِلَّعْنِ، وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ وَشَرْعًا كَلِمَاتٌ مَعْلُومَةٌ جُعِلَتْ حُجَّةً لِلْمُضْطَرِّ إلَى قَذْفِ مَنْ لَطَّخَ فِرَاشَهُ وَأَلْحَقَ الْعَارَ بِهِ أَوْ إلَى نَفْيِ وَلَدٍ كَمَا سَيَأْتِي. وَسُمِّيَتْ لِعَانًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كَلِمَةِ اللَّعْنِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ يَبْعُدُ عَنْ الْآخَرِ بِهَا إذْ يَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا أَبَدًا وَاخْتِيرَ لَفْظُ اللِّعَانِ عَلَى لَفْظَيْ الشَّهَادَةِ وَالْغَضَبِ، وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِمَا الْكَلِمَاتُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ كَلِمَةٌ غَرِيبَةٌ فِي قِيَامِ الْحُجَجِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْأَيْمَانِ وَالشَّيْءُ يُشْتَهَرُ بِمَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ الْغَرِيبِ وَعَلَيْهِ جَرَتْ أَسْمَاءُ السُّوَرِ وَلِأَنَّ الْغَضَبَ يَقَعُ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ وَجَانِبُ الرَّجُلِ أَقْوَى وَلِأَنَّ لِعَانَهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى لِعَانِهَا فِي الْآيَةِ وَالْوَاقِعِ وَقَدْ يَنْفَكُّ عَنْ لِعَانِهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الْآيَاتِ وَسَبَبُ نُزُولِهَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ زَوْجَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ فَقَالَ لَهُ الْبَيِّنَةُ، أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِك فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَجَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكَرِّرُ ذَلِكَ فَقَالَ هِلَالٌ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إنِّي لَصَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبْرِئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ فَنَزَلَتْ الْآيَاتُ» .
وَفِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا «عُوَيْمِرُ الْعَجْلَانِيُّ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ وَجَدَ أَحَدُنَا مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا مَاذَا يَصْنَعُ إنْ قَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيك، وَفِي صَاحِبَتِك قُرْآنًا فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ فَتَلَاعَنَا عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ هَذَا سَبَبَ النُّزُولِ، وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ حَمَلَ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ حُكْمَ وَاقِعَتِك تَبَيَّنَ بِمَا أُنْزِلَ فِي هِلَالٍ إذْ الْحُكْمُ عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمٌ عَلَى الْجَمَاعَةِ (قَذْفُ) الْمُكَلَّفِ الْمُخْتَارِ (سِوَى الْأَصْلِ) لِلْمُحْصَنِ الْمُغْتَنِي عَنْ ذِكْرِهِ بِتَفْسِيرِهِ بِقَوْلِهِ (لِذِي التَّكْلِيفِ غَيْرِ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ الْعَفِيفِ عَنْ الْجِمَاعِ حَيْثُ يَسْتَوْجِبُ) بِهِ الْمُجَامِعُ (حَدْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (أَوْ كَانَتْ الْحُرْمَةُ فِيهِ) أَيْ: الْجِمَاعِ (لِلْأَبَدْ) يُوجِبُ الْحَدَّ كَمَا سَيَأْتِي وَالْعَفِيفُ عَنْ الْجِمَاعِ الْمَذْكُورُ يُصَدَّقُ بِأَنْ لَمْ يُجَامِعْ أَصْلًا أَوْ جَامَعَ جِمَاعًا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَلَا يَحْرُمُ مُؤَبَّدًا كَأَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSيَشْرَعُ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ يَنْتَقِلُ إلَى الْإِطْعَامِ
(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ) (قَوْلُهُ: مِنْ الشَّهَادَةِ. . إلَخْ) بَيَانٌ لِلْحُجَّةِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَا يُشْتَهَرْ. . إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ لِعَانَهُ) الْمُشْتَمِلَ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQقُدْرَتُهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الصَّوْمُ
[بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ]
(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ) (قَوْلُهُ: لِلْمُضْطَرِّ إلَى قَذْفِ. . إلَخْ) أَيْ: لِلْمُضْطَرِّ إلَى رَفْعِ مُوجِبِ الْقَذْفِ إذْ لَيْسَ مُضْطَرًّا إلَى الْقَذْفِ لِمِلْكِهِ الطَّلَاقَ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَقَدْ يُقَالُ: إنْ اُضْطُرَّ بِمَعْنَى احْتَاجَ وَعِلَّةُ الِاحْتِيَاجِ إرَادَةُ الِانْتِقَامِ مِمَّنْ لَطَّخَ. . إلَخْ، وَفِي الْمُحَلَّى مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: يَبْعُدُ. . إلَخْ) أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ شَيْخُنَا م ر ق ل (قَوْلُهُ: ابْنُ سَمْحَاءَ) الصَّوَابُ تَقْدِيمُ الْحَاءِ عَلَى الْمِيمِ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِ شَيْخِنَا الْفَضَالِيِّ، وَهُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِلْمُحْصَنِ) أَصْلُ الْإِحْصَانِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ تَنَاوُلِ الْمَحْرَمِ فَالْإِسْلَامُ مَانِعٌ وَالْحُرِّيَّةُ مَانِعَةٌ وَالزَّوَاجُ وَالْإِصَابَةُ مَانِعٌ فَكُلُّ مَا مَنَعَ أَحْصَنَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} [الأنبياء: 80] وَقَالَ {لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ} [الحشر: 14] لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ عَلَى حَسَبِ دَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ كِتَابِ الرِّسَالَةِ لِلْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَوْلُهُ: لَكِنَّهُ. . إلَخْ فَإِنَّ حَصَانَةَ الْأَمَةِ مُجَرَّدُ إسْلَامِهَا فَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] إذَا أَسْلَمْنَ لَا إذَا نُكِحْنَ فَأَصَبْنَ بِالنِّكَاحِ وَلَا إذَا عَتَقْنَ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْنَ (قَوْلُهُ: عَنْ الْجِمَاعِ حَيْثُ يَسْتَوْجِبُ. . إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ يَأْتِي الْبَهَائِمَ مُحْصَنٌ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهِ بَلْ يُعَزَّرُ فَقَطْ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَكَتَبَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءِ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةً إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ مَا نَصُّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ إتْيَانُ الْبَهَائِمِ بَطَلَتْ عِفَّتُهُ ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى الْبَهْجَة. اهـ. وَمِثْلُ هَذَا الْأَخِيرِ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُ ع ش أَوَّلًا مَفْهُومُهُ. . إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ حَيْثُ يَسْتَوْجِبُ حُدَّ لَكِنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ، أَوْ كَانَتْ الْحُرْمَةُ فِيهِ لِلْأَبَدِ
(قَوْلُهُ الْمُجَامِعُ) لَوْ حَذَفَهُ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ إحْصَانَ الْأُنْثَى وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِلْأُنْثَى، وَإِنْ كَانَ فِيهَا قُصُورٌ لِتَرْكِ الْوَطْءِ