بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ (وَلَا الَّذِي كُوتِبَ دُونَ مَفْسَدَهْ) أَيْ: فَسَادٍ لِنَقْصِ رِقِّهِ وَلِعَدَمِ خُلُوِّهِ عَنْ شَوْبِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ فَاسِدِ الْكِتَابَةِ فَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ (فَذَاكَ لَا يُجْزِي) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ لَا إنْ بِكَفٍّ إلَى آخِرِهِ، وَهُوَ زِيَادَةُ إيضَاحٍ قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَا يُجْزِئُ الْمُوصَيْ بِمَنْفَعَتِهِ وَلَا الْمُسْتَأْجَرُ وَلَا الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَهُ مُطَالَبٌ بِعِتْقِهِ وَلَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ لِسَيِّدِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَعْتِقْهُ مِنْ كَفَّارَتِي بِكَذَا فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ عَتَقَ وَاسْتَحَقَّ الْمَالَ وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِاسْتِحْقَاقِ عِتْقِهِ بِجِهَةٍ أُخْرَى
(كَفِي) إعْتَاقِ (جَنِينِهِ) فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَإِنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْإِحْيَاءِ وَلِهَذَا لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ وَيُجْزِئُ مَفْصُولُ الْأُذُنَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالْأَسْنَانِ وَالْأَبْرَصِ وَالْأَجْذَمِ وَضَعِيفِ الْبَطْشِ وَالْأَحْمَقِ، وَهُوَ مَنْ يَضَعُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مَعَ الْعِلْمِ بِقُبْحِهِ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مَنْ لَا يَنْتَفِعُ بِعَقْلِهِ
(بِنِيَّةِ التَّكْفِيرِ) فَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْعِتْقِ أَوْ الصَّوْمِ، أَوْ الْإِطْعَامِ الْوَاجِبِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَنْ نَذْرٍ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الْوَاجِبَ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَكُونُ إلَّا وَاجِبَةً وَلَا أَنْ يَلْفِظَ بِالْكَفَّارَةِ، بَلْ لَوْ نَوَى الْعِتْقَ، أَوْ الصَّوْمَ أَوْ الْإِطْعَامَ الْوَاجِبَ بِالظِّهَارِ، أَوْ الْقَتْلِ مَثَلًا يَكْفِي لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهَا (لَا تَعْيِينِهِ) أَيْ: التَّكْفِيرِ، فَلَا يُعْتَبَرُ بِأَنْ يُقَيَّدَ التَّكْفِيرُ بِظِهَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ الْمَالِ الْمُزَكَّى حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَكَفَّارَةُ قَتْلٍ فَأَعْتَقَ عَبْدًا بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ حُسِبَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ فَصَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ أَجْزَأَهُ نَعَمْ لَوْ جَعَلَ شَهْرًا عَنْ كَفَّارَةٍ ثُمَّ آخَرَ عَنْ أُخْرَى ثُمَّ آخَرَ عَنْ الْأُولَى ثُمَّ آخَرَ عَنْ الْأُخْرَى لَمْ يُجْزِهِ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْعَبْدَيْنِ لِاشْتِرَاطِ التَّتَابُعِ هُنَا ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ نَسِيَ سَبَبَهَا فَأَعْتَقَ مَثَلًا وَنَوَى مَا عَلَيْهِ جَازَ وَفَرَّقُوا بَيْنَ نِيَّةِ الْكَفَّارَةِ وَنِيَّةِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ فِيهَا التَّعْيِينُ بِأَنَّ بَابَ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ أَضْيَقُ وَبِأَنَّ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةَ نَازِعَةٌ إلَى الْغَرَامَاتِ فَاكْتَفَى فِيهَا بِأَصْلِ النِّيَّةِ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ وَأَعْتَقَ عَبْدًا بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ الْمُطْلَقَةِ ثُمَّ صَرَفَهُ إلَى وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ تَعَيَّنَ الْعِتْقُ لَهَا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ صَرْفِهِ إلَى أُخْرَى كَمَا لَوْ عَيَّنَ فِي الِابْتِدَاءِ
(وَلْيُعِدْ الْمُخْطِي) فِي تَعْيِينِهِ مَا أَخْطَأَ فِيهِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ فَنَوَى كَفَّارَةَ ظِهَارٍ خَطَأً لَزِمَهُ إعَادَتُهَا لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَيْسَ عَلَيْهِ، فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا عَلَيْهِ وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْكَافِرِ فِي غَيْرِ الصَّوْمِ وَنِيَّتُهُ لِلتَّمْيِيزِ دُونَ التَّقَرُّبِ كَمَا فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ لِتَمَحُّضِهِ قُرْبَةً وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى الْإِطْعَامِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ فَيُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَتْرُكَ الْوَطْءَ أَوْ تَسْلُكَ طَرِيقَ حِلِّهِ مِنْ الصَّوْمِ بِأَنْ تُسْلِمَ وَتَأْتِيَ بِهِ وَلَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ بِإِسْلَامِهِ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ حَدِّ الزِّنَا وَيَعْتَبِرُ قَرْنَ نِيَّةِ الْإِعْتَاقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: لَا تَكُونُ إلَّا وَاجِبَةً) قَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّهُمْ قَالُوا فِيمَا لَوْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ قَمْلَةً مِنْ نَحْو لِحْيَتِهِ أَنَّهُ يُسَنُّ التَّصَدُّقُ بِلُقْمَةٍ وَهَذِهِ كَفَّارَةٌ مَنْدُوبَةٌ وَقَالُوا فِيمَنْ تَعَرَّضَ لِصَيْدٍ مُحَرَّمًا، أَوْ بِالْحَرَمِ وَشَكَّ أَهُوَ مِمَّا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ أَنْ يَفْدِيَ نَدْبًا وَهَذِهِ كَفَّارَةٌ مَنْدُوبَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْكَفَّارَةِ الصَّوْمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الصَّوْمُ فِيهَا بَدَلٌ عَنْ الْعِتْقِ الْمَالِيِّ فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ التَّعْيِينُ كَالْعِتْقِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: وَنِيَّةُ الصَّوْمِ أَيْ: غَيْرُ الْكَفَّارَةِ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَلْيُعِدْ الْمُخْطِئُ) يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْخَطَأُ وَإِنْ كَانَ بِالْعِتْقِ بِأَنْ قَالَ أَعْتَقْت هَذَا، أَوْ هَذَا حُرٌّ عَنْ كَفَّارَةِ كَذَا وَتَبَيَّنَ أَنَّ كَفَّارَتَهُ غَيْرُهَا نَفَذَ الْعِتْقُ وَعَلَيْهِ عِتْقُ آخَرَ عَمَّا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ وَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا عَلَيْهِ إعَادَةُ التَّكْفِيرِ بِنِيَّةِ مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِالْإِطْعَامِ فَهَلْ لَهُ اسْتِرْدَادُ الطَّعَامِ مُطْلَقًا، أَوْ لَا مُطْلَقًا، أَوْ إنْ شَرَطَهُ، أَوْ عَلِمَ الْقَابِضُ أَنَّهَا عَنْ كَذَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُهُ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الصَّوْمِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ
(فَرْعٌ) الذِّمِّيُّ الْمُظَاهِرُ يُكَفِّرُ بِالْعِتْقِ وَالطَّعَامِ وَيُتَصَوَّرُ إعْتَاقُهُ بِأَنْ يُسْلِمَ عَبْدُهُ، أَوْ يَقُولَ لِمُسْلِمٍ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْ كَفَّارَتِي وَالصَّوْمُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَطْعَمُ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ الْوَطْءُ، أَوْ يُسْلِمُ وَيَصُومُ. . إلَخْ. اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوَّلًا وَالطَّعَامُ يُتَصَوَّرُ بِمَا إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الصِّيَامِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا سَاغَ لَهُ الِانْتِقَالُ إلَى الطَّعَامِ وَلِهَذَا قَيَّدَ بِالْقُدْرَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَطْعَمُ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ حَدِّ الزِّنَا) الْمُعْتَمَدُ سُقُوطُ حَدِّ الزِّنَا م ر
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ إجْزَاءِ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ أَيْ: لَا لِخَوْفِ الطَّرِيقِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا الَّذِي كُوتِبَ) مَا لَمْ يَعْجِزْ نَفْسُهُ حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَلَا الَّذِي كُوتِبَ) أَيْ: وَلَمْ يَسْبِقْ كِتَابَتَهُ تَعْلِيقٌ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي ثُمَّ كَاتَبَهُ فَإِذَا دَخَلَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِ سَيِّدِهِ عَتَقَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ اعْتِبَارَ الصِّفَاتِ فِي الْعَبْدِ يُكْتَفَى بِوُجُودِهَا حَالَ التَّعْلِيقِ، فَلَا يَصِحُّ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمْت فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي وَمُقْتَضَاهُ إجْزَاءُ تَعْلِيقِ عِتْقِ الْبَصِيرِ عَنْهَا، أَوْ الصَّحِيحِ كَذَلِكَ وَيُجْزِئُ، وَإِنْ عَمِيَ بَعْدَهُ، أَوْ مَرِضَ بِمَا لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: بِغَيْرِ اخْتِيَارِ سَيِّدِهِ أَمْ بِاخْتِيَارِهِ، فَلَا لِأَنَّهُ يَكُونُ كَإِنْشَاءِ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ عَنْهَا (قَوْلُهُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا الْمُسْتَأْجِرُ) قَالَ ع ش هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ طَالَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصُرَتْ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي الْإِجْزَاءُ قِيَاسًا عَلَى إجْزَاءِ عِتْقِ مَجْنُونٍ لَمْ يَكْثُرْ زَمَنُ جُنُونِهِ. اهـ. وَالْفَرْقُ لَائِحٌ فَإِنَّ الْجُنُونَ مُمْكِنٌ زَوَالُهُ كُلَّ وَقْتٍ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَلْفِظَ. . إلَخْ) الْأَوْلَى وَلَا أَنْ يَنْوِيَ الْكَفَّارَةَ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَأَعْتَقَ. . إلَخْ) مِثْلُهُ الصَّوْمُ كَمَا فِي الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ) نَقَلَ سم عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْأَدَاءِ عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ وَأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفُقَهَاءِ يَغْلَطُونَ