الشَّيْخَانِ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ فَإِنَّ أَرْشَ الْخَطَأِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِ الْجَانِي وَذِكْرُ الْقَتْلِ مِثَالٌ فَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهِ وَلَوْ جَنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَقَطَعَ طَرَفَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا وَالْجَانِي رَقِيقًا اُقْتُصَّ مِنْهُ أَوْ حُرًّا فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ خَطَأً فَيَجِبُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ وَنِصْفِ الْقِيمَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ مِنْ قَبْلِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ
هِيَ جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ أَيْ مُقَدَّرَةٍ لِمَا فِيهَا مِنْ السِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ، وَالْفَرْضُ لُغَةً التَّقْدِيرُ وَشَرْعًا هُنَا نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ لِلْوَارِثِ وَتُرْجِمَ هَذَا الْبَابُ بِبَابِ الْمَوَارِيثِ أَيْضًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ آيَاتُهَا وَالْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَوَرَدَ فِي الْحَثِّ عَلَى تَعَلُّمِهَا وَتَعْلِيمِهَا أَخْبَارٌ مِنْهَا خَبَرُ «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهُ» وَرُوِيَ «وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مِنْ يَقْضِي بِهَا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ خَبَرَ «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ فَإِنَّهُ مِنْ دِينِكُمْ وَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ وَإِنَّهُ أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي» وَسُمِّيَ نِصْفًا لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ الْمُقَابِلِ لِلْحَيَاةِ وَقِيلَ النِّصْفُ بِمَعْنَى الصِّنْفِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ
إذَا مِتّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ شَامِتٌ ... وَآخَرُ مُثْنٍ بِاَلَّذِي كُنْت أَصْنَعُ
وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا بَيَّنْته فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ إلَى تَحْرِيرِ الْفُصُولِ وَيَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ خَمْسَةُ حُقُوقٍ مُتَرَتِّبَةٌ وَقَدْ بَدَأَ بِبَيَانِهَا فَقَالَ (يُخْرَجُ) أَوَّلًا وُجُوبًا (مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقْ بِالْعَيْنِ كَالزَّكَاةِ وَالرَّهْنِ اعْتَلَقْ) أَيْ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ لِتَأَكُّدِ تَعَلُّقِهِ بِهَا كَالزَّكَاةِ وَالتَّمْثِيلُ بِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَالرَّهْنُ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ (وَالْعَبْدِ) حَيْثُ (يَجْنِي) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ أَوْ قَوَدًا وَعُفِيَ بِمَالٍ.
(وَالْمَبِيعِ) إذَا (مَاتَ مَنْ كَانَ اشْتَرَاهُ) بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ (مُفْلِسًا) وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَكِتَابَةٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ فَسْخِ الْبَائِعِ بِهِ سَوَاءٌ حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSكَبَقِيَّةِ الْعَبِيدِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ هَذِهِ الْجِنَايَةِ كَانَ مَحْكُومًا بِحُرِّيَّتِهِ وَبَعْدَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ لَمْ يُحْكَمْ بِرِقِّهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ قُلْنَا بِعَدَمِ قَبُولِهِ فِيمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ وَعَدَمِ تَعَلُّقِ الزَّائِدِ بِبَيْتِ الْمَالِ مِمَّا يَضُرُّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ لِفَوَاتِهِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم قَالَ الشَّيْخَانِ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَجَابَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الرِّقَّ لَمَّا أَوْجَبَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ اقْتَضَى التَّعَلُّقَ بِمَا فِي يَدِهِ كَالْحُرِّ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلَوْ لَمْ نُعَلِّقْهُ بِمَا فِي يَدِهِ لَأَضَرَّ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ: وَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِيمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: بِمَا فِي يَدِ الْجَانِي) حُرًّا أَوْ عَبْدًا شَرْحُ رَوْضٍ تَمَّ تَحْرِيرُ حَوَاشِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ شَيْخِ الْمَشَايِخِ بَرَكَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ الْعَبَّادِيُّ الشَّافِعِيِّ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَأَسْكَنَهُ فَسِيحَ جَنَّتِهِ آمِينَ
[بَابُ الْفَرَائِضِ]
(قَوْلُهُ: لَمَا فِيهَا مِنْ السِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَغَلَبَتْ عَلَى غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَعَلِّمُوهُ) أَيْ الْفَرَائِضَ وَأَفْرَدَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: كَالزَّكَاةِ) مِثَالٌ لِلْعَيْنِ لَا الْحَقِّ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ فَالْمُرَادُ بِالزَّكَاةِ الْمَالُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ مَجَازًا أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ كَمَالِ الزَّكَاةِ أَيْ الْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْمَبِيعُ إذَا مَاتَ مَنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مُفْلِسًا) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ مُوسِرًا لَكِنْ تَلِفَ مَا عَدَا الْمَبِيعَ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ الْفَرَائِضِ)
(قَوْلُهُ: جَمْعُ فَرِيضَةٍ) بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ هَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَالْفَرِيضَةُ الَّتِي جُمِعَتْ عَلَى فَرَائِضَ بِمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ فَلَا يُقَالُ إنَّ شَرْطَ جَمْعِ فَعِيلَةٍ عَلَى فَعَائِلَ أَنْ لَا يَكُونَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ كَمَا هُنَا وَلِذَا عُدَّ مِنْ الشَّوَاذِّ جَمْعُ ذَبِيحَةٍ بِمَعْنَى مَذْبُوحَةٍ عَلَى ذَبَائِحَ، وَلَوْلَا هَذَا الشَّرْطُ لَانْدَرَجَ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَبِفَعَائِلَ اجْمَعَنْ فَعَالَهْ وَشِبْهَهُ ذَا تَاءٍ أَوْ مُزَالُهُ؛ لِأَنَّهُ مُشَابِهٌ لِفَعَّالَةٍ فِي كَوْنِهِ رُبَاعِيًّا مَمْدُودًا قَبْلُ آخِرِهِ لِتَمْثِيلِ ابْنِ عَقِيلٍ لِلشَّبَهِ بِصَحِيفَةٍ وَحَلُوبَةٍ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهَا إلَخْ) إذْ قَوْلُك الرُّبْعُ وَالثُّلُثُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ مَسْأَلَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى سِهَامٍ مُقَدَّرَةٍ (قَوْلُهُ: ذَكَرٍ) أَتَى بِهِ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّجُلِ مَا يَعُمُّ الصَّبِيَّ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذَكَرٍ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهِ عَلَى الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ» ) هُوَ يَحْتَاجُ إلَى عُلُومٍ ثَلَاثَةٍ بِمَعْنَى أَنَّهَا حَقِيقَتُهُ عِلْمُ الْفَتْوَى بِمَعْنَى مَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَارِثٍ مِنْ التَّرِكَةِ، وَعِلْمُ النَّسَبِ بِمَعْنَى كَيْفِيَّةِ انْتِسَابِ الْوَارِثِ لِلْمَيِّتِ، وَعِلْمُ الْحِسَابِ بِمَعْنَى الْعَدَدِ الَّذِي تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ أَوْ أَصْلُهَا فَحَقِيقَتُهُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْفِقْهِ وَالْحِسَابِ ق ل (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهِ إلَخْ) فَالْعِلْمُ يَتَعَلَّقُ بِالْإِنْسَانِ حَيًّا وَمَيِّتًا وَهُمَا حَالَتَانِ فَالْعِلْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِأَحَدِهِمَا نِصْفٌ ق ل أَيْ فَتَسْمِيَتُهُ نِصْفًا لِتَعَلُّقِهِ بِنِصْفِ حَالَتَيْ الْإِنْسَانِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ) عَبَّرَ بِقِيلَ لِبُعْدِهِ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ ق ل مَعْنًى (قَوْلِهِ أَوَّلًا وُجُوبًا) هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ عِنْدَ ضِيقِ التَّرِكَةِ يَجِبُ إخْرَاجُ ذَلِكَ أَوَّلًا أَوْ وَلَوْ عِنْدَ الِاتِّسَاعِ؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ اهـ سم عَلَى حَجَرٍ مَعْنًى. (قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ حَيْثُ يَجْنِي إلَخْ) أَيْ إنْ سَبَقَتْ جِنَايَتُهُ الْمَوْتَ لَا إنْ تَأَخَّرَتْ لِسَبْقِ تَعَلُّقِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَانْظُرْ صُورَةَ الْمَعِيَّةِ سم عَلَى التُّحْفَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ) فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ قُدِّمَ ذَلِكَ الْحَقُّ لَكِنْ أَخَّرَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ بِلَا عُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا يُقَدِّمُ حَقَّ الْفَسْخِ بَلْ يُقَدِّمُ مُؤَنَ التَّجْهِيزِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تُفْهَمَ عِبَارَةُ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: كَكِتَابَةٍ) أَيْ وَرَهْنٍ وَلَوْ زَالَ التَّعَلُّقُ الْمَذْكُورُ