وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ لِانْصِرَافِهِ إلَى جِهَةِ صَرْفِهِ الْمَالِكَ إلَيْهَا بِنَفْسِهِ، وَعَادَتْ مَصْلَحَتُهَا إلَيْهِ (وَنَفَذَا) أَيْ: الْإِعْتَاقُ مِنْهُ وَلَا يَنْدَفِعُ بِالْجَهْلِ وَوَقَعَ عَنْهُ لَا عَنْ الْغَاصِبِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْحَالِ: أَعْتِقْهُ عَنِّي لِصُدُورِهِ فِي مَحَلِّهِ مِنْ أَهْلِهِ (مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ) لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِسَبَبِ التَّغْرِيرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ نِيَابَةً عَنْ الْمَالِكِ بَرِئَ، وَنَفَذَ سَوَاءٌ قَالَ: عَنِّي أَمْ أَطْلَقَ، وَكَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ يَحْتَمِلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْإِعْتَاقِ الْوَقْفُ وَنَحْوُهُ (لَا بِقَتْلِ) أَيْ: يَبْرَأُ بِمَا ذُكِرَ لَا بِقَتْلِ الْمَالِكِ لِلْمَغْصُوبِ (الصَّائِلِ) عَلَيْهِ (دَفْعًا لَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ (مِنْ عَالِمٍ) بِأَنَّهُ لَهُ (أَوْ جَاهِلِ) بِهِ فَإِنَّهُ كَقَتْلِ الصَّائِلِ نَفْسَهُ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ (وَلَا) يَبْرَأُ (بِإِيدَاعٍ) لَهُ عِنْدَ مَالِكِهِ كَمَا لَا يَتَقَرَّرُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إذَا أَوْدَعَ عِنْدَهُ بِخِلَافِ إيدَاعِ الْمَالِكِ لَهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِهِ كَمَا مَرَّ (وَإِيجَارٍ) أَيْ: وَلَا يَبْرَأُ بِإِيجَارِهِ لَهُ مِنْ مَالِكِهِ (وَلَا بِالرَّهْنِ) لَهُ (مِنْهُ) لِأَنَّ التَّسْلِيطَ فِيهِمَا غَيْرُ تَامٍّ وَلَا بِالْقِرَاضِ مَعَهُ

(قُلْت) وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ (حَيْثُ جَهِلَا) أَيْ: الْمَالِكُ أَنَّهُ لَهُ فَلَوْ قَبَضَهُ فِيهَا عَالِمًا بِأَنَّهُ لَهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ، وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ تَقْدِيمِ قَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ مِنْ عَالَمٍ، أَوْ جَاهِلٍ عَلَى هَذِهِ الصُّوَرِ

[باب الشفعة]

(بَابُ الشُّفْعَةِ) بِإِسْكَانِ الْفَاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا، وَهِيَ لُغَةً: الضَّمُّ عَلَى الْأَشْهَرِ مِنْ شَفَعْت الشَّيْءَ ضَمَمْته فَهِيَ ضَمُّ نَصِيبٍ إلَى نَصِيبٍ، وَمِنْهُ شَفْعُ الْأَذَانِ، وَشَرْعًا: حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يَثْبُتُ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الْحَادِثِ فِيمَا مَلَكَ بِعِوَضٍ

، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «قَضَى بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكٍ لَمْ يُقْسَمْ رَبْعَةٍ، أَوْ حَائِطٍ» وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِنْ بَاعَهُ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ، وَاسْتِحْدَاثُ الْمَرَافِقِ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَيْهِ، وَالرَّبْعَةُ تَأْنِيثُ الرَّبْعِ، وَهُوَ الْمَنْزِلُ وَالْحَائِطُ الْبُسْتَانُ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَفِي قَوْلِهِ: فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ لِإِشْعَارِ الصِّيغَةِ فِي النَّفْيِ بِلَمْ بِقَبُولِهَا، فَيُقَالُ: لِلْبَصِيرِ لَمْ تُبْصِرْ كَذَا، وَلِلْأَكْمَهِ لَا تُبْصِرْ كَذَا، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخِرِ فَذَاكَ لِلِاحْتِمَالِ انْتَهَى، وَمَفْهُومُ الْخَبَرِ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْذَنَ شَرِيكَهُ فِي الْبَيْعِ فَأَذِنَ لَهُ لَا شُفْعَةَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَمْ يَصِرْ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا تَمَسُّكًا بِبَقِيَّةِ الْأَخْبَارِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلِمَ لَا حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ؟ قَالَ: وَالْخَبَرُ يَقْتَضِي إيجَابَ اسْتِئْذَانِ الشَّرِيكِ قَبْلَ الْبَيْعِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ أَعْتِقْهُ أَوْ أَعْتِقْهُ عَنْك أَوْ عَنِّي، وَمَسْأَلَةُ أَعْتِقْهُ عَنْك فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ اهـ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَنْ يَقَعُ عَنْهُ الْعِتْقُ فِي أَعْتِقْهُ عَنْك وَلَا يَبْعُدُ وُقُوعُهُ عَنْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لَهُ وَهُوَ جَاهِلٌ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْأَوْجَهُ مَعْنًى أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْغَاصِبِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا ضِمْنًا إنْ ذَكَرَ عِوَضًا، وَإِلَّا فَهِبَةً بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَهَلْ قِيَاسُ الْأَوْجَهِ الْمَذْكُورِ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ نِيَابَةً عَنْ الْمَالِكِ، وَقَدْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ: أَعْتِقْهُ عَنْك أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُهُ) أَيْ: أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ نِيَابَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: يَبْرَأُ كَمَا مَرَّ) لَعَلَّهُ فِي بَابِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَبَضَهُ فِيهَا عَالِمًا) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ مَعَ قَبْضِهِ جَاهِلًا

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ تَقْدِيمِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَعَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْقَيْدَ الْمُتَوَسِّطَ يَتَعَلَّقُ بِمَا قَبْلَهُ، وَمَا بَعْدَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي أُصُولِهِ وَغَيْرِهَا

(بَابُ الشُّفْعَةِ) (قَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ، وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ) هَذَا يُفِيدُ نَفْيَ شُفْعَةِ الْجِوَارِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: فَذَاكَ لِلِاحْتِمَالِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاحْتِمَالِ التَّحَمُّلُ بِمَعْنَى التَّسَمُّحِ وَالتَّجَوُّزِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْغَصْبِ إلَى الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ رُدَّتْ إلَى يَدِ الْمَالِكِ، وَالْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ سَابِقٍ لَكِنْ مَعَ قِيَامِ صُورَةِ الْعَيْنِ بِصِفَتِهَا إلْحَاقُهُ بِالرُّخْصِ أَظْهَرُ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالتَّلَفِ اهـ م ر وَع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَذَا يَعْتِقُ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ لَوْ قَالَ لِلْمَالِكِ: أَعْتِقْهُ عَنِّي فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ، وَلَوْ جَاهِلًا وَهِيَ أَقْعَدُ تَأَمَّلْ

[بَابُ الشُّفْعَةِ]

(بَابُ الشُّفْعَةِ) (قَوْلُهُ: الشُّفْعَةُ) تُطْلَقُ شَرْعًا عَلَى الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ وَعَلَى التَّمَلُّكِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ ضَمُّ نَصِيبٍ إلَخْ) هَذَا مَعْنَى نُقِلَ إلَيْهِ لَفْظُ الشُّفْعَةِ حِينَ الْأَخْذِ مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الَّذِي هُوَ مُطْلَقُ الضَّمِّ، فَالْمَأْخُوذُ أَخَصُّ مِنْ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَهُوَ كَافٍ فِي الْمُغَايَرَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يُقْسَمُ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، إذْ الْأَصْلُ فِيمَا نُفِيَ بِلَمْ كَوْنُهُ فِي الْمُمْكِنِ بِخِلَافِ مَا نُفِيَ بِلَا فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْمُمْكِنِ وَغَيْرِهِ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ، وَإِجْمَالٌ إنْ لَمْ تُوجَدْ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ كَمَا هُنَا وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ الظَّاهِرِ فِي لَمْ؛ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْمُمْكِنِ وَمِنْ الْمُجْمَلِ فِي لَا لِاشْتِرَاكِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ اهـ م ر وَع ش عَلَيْهِ بج وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَذَاكَ لِلِاحْتِمَالِ) يَعْنِي أَنَّ اسْتِعْمَالَ أَحَدِهِمَا مَكَانَ الْآخَرِ لَيْسَ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ مَدْلُولُهُ، بَلْ لِاحْتِمَالِ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ مَعْنَى الْآخَرِ بِقَرِينَةٍ أَوْ تَسَمُّحًا (قَوْلُهُ: وَلِمَ لَا حَمْلُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي التَّقْيِيدِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِلتَّنْفِيرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015