أَيْ: فِي الصَّبْغِ وَالْعَمَلِ الْمُحْتَرَمِ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَالصِّبْغِ دِرْهَمَيْنِ فَصَارَ يُسَاوِي سِتَّةً شَارَكَهُ بِالثُّلُثِ، أَوْ خَمْسَةً فَبِالْخُمُسِ، أَوْ أَرْبَعَةً أَوْ أَقَلَّ، فَلَا شَرِكَةَ لَهُ كَمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ وَالنَّقْصُ عَلَى الصِّبْغِ؛ لِأَنَّهُ هَالِكٌ فِي الثَّوْبِ، وَالثَّوْبُ قَائِمٌ بِحَالِهِ، وَإِذَا اشْتَرَكَا فَهَلْ كُلُّ الصِّبْغِ لِلْمُفْلِسِ وَكُلُّ الثَّوْبِ لِصَاحِبِهِ كَمَا لَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ؟ أَوْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا بِحَسْبِ قِيمَتِهِمَا لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ كَخَلْطِ الزَّيْتِ؟ ، وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْأَوَّلُ: هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْغَصْبِ، وَارْتَضَاهُ فِي الْمُطْلَقِ، فَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الصِّبْغِ كَأَنْ صَارَتْ ثَمَانِيَةً، فَالزَّائِدُ عَلَى قِيمَتِهِمَا لِلْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّهَا بِصَنْعَتِهِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ وَيَدْفَعَ لِلْمُفْلِسِ حِصَّةَ الزِّيَادَةِ، كَمَا يَدْفَعُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ: إنَّهُ شَرِيكٌ؛ لِأَنَّ أَمْوَالَ الْمُفْلِسِ تُبَاعُ إمَّا لِلْبَائِعِ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ صَبَغَهُ بِصِبْغٍ اشْتَرَاهُ مِنْ بَائِعِ الثَّوْبِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ إلَيْهِمَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا كَقِيمَتِهِ بِلَا صِبْغٍ أَوْ أَقَلَّ، فَيَكُونَ فَاقِدًا لِلصِّبْغِ فَيُضَارِبَ بِثَمَنِهِ.
وَإِنْ اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا عَلَى قِيمَتِهِ قَبْلَ الصَّبْغِ فَصَاحِبُ الصِّبْغِ فَاقِدٌ لَهُ، وَإِنْ زَادَتْ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصِّبْغِ اشْتِرَاكًا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِمَا شَارَكَهُمَا الْمُفْلِسُ بِالزِّيَادَةِ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَرْبَعَةً وَالصِّبْغِ دِرْهَمَيْنِ وَصَارَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا ثَمَانِيَةً، شَارَكَهُمَا بِالرُّبْعِ، وَلَوْ اشْتَرَى صِبْغًا وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبَهُ، فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِالصِّبْغِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ، وَالْقَوْلُ فِي الشَّرِكَةِ كَمَا مَرَّ، وَإِلَّا فَهُوَ فَاقِدٌ لِصِبْغِهِ، وَإِذَا شَارَكَ فَنَقَصَتْ حِصَّتُهُ عَنْ ثَمَنِ الصِّبْغِ، فَإِنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ أَوْ ضَارَبَ بِالْجَمِيعِ.
وَحُكْمُ قَلْعِ صِبْغِ الثَّوْبِ الْمَبِيعِ كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، فَلَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ: وَالْمُفْلِسُ نَقْلَعُهُ وَنَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِ الثَّوْبِ قَالَ ابْنُ كُجٍّ: لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ اقْلَعْ الصِّبْغَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، وَاغْرَمْ أَرْشَ نُقْصَانِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي زِيَادَةِ الْقِيمَةِ، إذَا زَادَتْ بِالصِّبْغِ، فَإِنْ زَادَتْ بِارْتِفَاعِ سُوقِهِمَا أَوْ سُوقِ أَحَدِهِمَا، فَالزِّيَادَةُ لِمَنْ ارْتَفَعَ سِعْرُ سِلْعَتِهِ، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ الْمُحَرَّمُ كَتَعْلِيمِ الْغِنَاءِ بِآلَةٍ مُحَرَّمَةٍ، وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمُحْتَرَمَ بِكُلِّ صِفَةٍ تَحْصُلُ بِفِعْلٍ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، بِحَيْثُ تُعَدُّ الصِّفَةُ مِنْ آثَارِ ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَتَظْهَرُ عَلَى الْمَحَلِّ كَطَحْنٍ وَقِصَارَةٍ وَرِيَاضَةٍ لِلدَّابَّةِ، لَا كَسِمَنِهَا بِالْعَلَفِ وَكِبَرِ الْوَدْيِ بِالسَّقْيِ؛ إذْ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِمَا، وَلَا كَحِفْظِ الدَّابَّةِ وَسِيَاسَتِهَا؛ إذْ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُمَا عَلَى الدَّابَّةِ، فَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ مُشَارَكَةٌ.
(وَالْحَبْسُ) لِلثَّوْبِ الْمُكْتَرَى عَلَى قِصَارَتِهِ ثَابِتٌ (لِلْقَصَّارِ) ؛ لِقَبْضِ الْأُجْرَةِ كَمَا أَنَّ لِلْبَائِعِ حَبْسَ الْمَبِيعِ لِقَبْضِ الثَّمَنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِصَارَةَ عَيْنٌ لَا أَثَرٌ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَيُخَالِفُ سِمَنَ الدَّابَّةِ بِالْعَلْفِ وَكِبَرَ الْوَدْيِ بِالسَّقْيِ؛ لِأَنَّ الْقَصَّارَ إذَا عَمِلَ عَمَلَهُ صَارَ الثَّوْبُ مَقْصُورًا لَا مَحَالَةَ، وَالسَّقْيُ وَالْعَلْفُ يُوجَدَانِ كَثِيرًا وَلَا يَحْصُلُ الْكِبَرُ وَالسِّمَنُ، فَكَانَ الْأَثَرُ فِي مِثْلِهِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ إلَى فِعْلِهِ، بَلْ هُوَ مَحْضُ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَسْمِينِ الدَّابَّةِ وَتَكْبِيرِ الْوَدِيِّ، وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْقِصَارَةِ.
وَمِثْلُهَا تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِحَبْسِ الثَّوْبِ أَنَّهُ يَحْبِسُهُ عِنْدَهُ، بَلْ عِنْدَ عَدْلٍ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَمَحَلُّ ثُبُوتِ حَقِّ الْحَبْسِ لَهُ إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ بِالْقِصَارَةِ، وَإِلَّا فَلَا حَبْسَ فَيَأْخُذُهُ الْمَالِكُ، فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ ضَارَبَ الْأَجِيرَ بِأُجْرَتِهِ، وَإِلَّا طَالَبَهُ بِهَا، (وَالْأَجْرُ) لِلْقَصَّارِ (هَدَرْ بِتَلَفٍ) لِلثَّوْبِ الْمَقْصُورِ (فِي يَدِهِ) ، كَتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ فِي الْعُجَابِ: وَلَا تَعَلُّقَ لِهَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا بِالْفَلَسِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا فِيهِ اسْتِطْرَادًا (وَمَنْ قَصَرْ) أَيْ: الثَّوْبَ (فَقَصْرُهُ بِالْأَجْرِ رَهْنٌ) أَيْ: فَقِصَارَتُهُ مَرْهُونَةٌ بِأُجْرَتِهِ (حَيْثُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ فَالزَّائِدُ عَلَى قِيمَتِهِمَا لِلْمُفْلِسِ) يُتَّجَهُ هَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِوَاسِطَةِ الصَّنْعَةِ، فَإِنْ كَانَتْ لِارْتِفَاعِ سِعْرِ أَحَدِهِمَا اُخْتُصَّتْ بِصَاحِبِهِ أَوْ سِعْرِهِمَا فَبَيْنَهُمَا ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الشَّارِحِ الْآتِيَ. (قَوْلُهُ تُبَاع إمَّا لِلْبَالِغِ إلَخْ) قَدْ يَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي هَذَا التَّمْلِيكِ وَنَحْوِهِ مِنْ عَقْدٍ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ وَإِذَا شَارَكَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وَإِذَا قُلْنَا: لَهُ أَنْ يَفْسَخَ عِنْدَ الزِّيَادَةِ لِيَكُونَ شَرِيكًا، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَفْسَخُ وَيَقْضِي بِالشَّرِكَةِ؟ ، ثُمَّ يُقَالُ: إمَّا أَنْ يَفْسَخَ أَوْ يُضَارِبَ بِالْجَمِيعِ ثُمَّ هَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَيْضًا بِرّ.
(قَوْلُهُ وَالْحَبْسُ لِلْقَصَّارِ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلِكُلِّ أَجِيرٍ إجَارَةٌ صَحِيحَةً مِنْ مُفْلِسٍ أَوْ غَيْرِهِ حَبْسُ مَحَلِّ عَمَلِهِ لِقَبْضِ أُجْرَتِهِ، إنْ زَادَتْ بِهِ الْقِيمَةُ اهـ. وَهِيَ شَامِلَةٌ لِلْأَجِيرِ لِتَعْلِيمِ رَقِيقٍ مَثَلًا فَلَهُ حَبْسُهُ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ لِقَبْضِ أُجْرَتِهِ. (قَوْلُهُ وَيُخَالِفُ ثَمَنَ الدَّابَّةِ بِالْعَلَفِ إلَخْ) كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي جَوَازِ الْحَبْسِ، وَيُوَافِقُهُ امْتِنَاعُ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَرَضَ الْمُخَالَفَةَ فِي هَذَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ مُشَارَكَةِ الْمُفْلِسِ بِالزِّيَادَةِ، فَيَتَحَصَّلُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ امْتِنَاعُ كُلٍّ مِنْ الْمُشَارَكَةِ وَالْحَبْسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمَالِكُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ) وَلَيْسَ كَالْبَائِعِ حَيْثُ يَحْبِسُ الْمَبِيعَ عِنْدَهُ، وَإِنْ قِيسَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ لِظُهُورِ الْفَرْقِ، بِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ أَقْوَى. (قَوْلُهُ وَلَا تَعَلُّقَ لِهَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا بِالْفَلَسِ) صَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنْ يُقَالَ: لَا اخْتِصَاصَ لَهُمَا بِالْفَلَسِ بِرّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا بِسَبَبِ شَيْءٍ أَوْ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ فَهُوَ لِلْمُفْلِسِ (قَوْلُهُ قَنَعَ بِهِ) لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَصَلَ فِي يَدِ مَالِكِهِ كَالتَّعَيُّبِ. (قَوْلُهُ إنْ زَادَتْ بِالصَّبْغِ) مِثْلُهُ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ الْقِصَارَةُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ إذْ لَا يَجُوزُ) لِعَدَمِ دُخُولِهِمَا تَحْتَ قُدْرَةِ الْأَجِيرِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ عَدْلٍ) أَيْ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَوْ يُعَيِّنُهُ الْحَاكِمُ.
(قَوْلُهُ يَتْلَفُ) أَيْ بِآفَةٍ أَوْ بِفِعْلِهِ، بِخِلَافِ فِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ قَبْضًا لَهُ، وَالْأَوْجَهُ فِي إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ أَنَّ الْقِيمَةَ الَّتِي يَضْمَنُهَا الْأَجْنَبِيُّ، إنْ زَادَتْ