التَّمْيِيزِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ.
(لَكِنْ) أُقْسِمُ (يَمِينًا بِاَلَّذِي سَهَّلَهُ) عَلَيَّ (مَا كَانَ عِنْدِي أَنَّنِي كُفْءٌ) أَيْ: مُكَافِئٌ (لَهُ) وَمِثْلُهُ الْكَفِيءُ وَالْكُفُوءُ بِالْمَدِّ فِيهِمَا (وَإِنَّمَا رَأَيْتُ فِي مَنَامِي نَبِيَّنَا) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَائِنًا (بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَدْ دَعَانِي ثُمَّ أَعْطَانِي وَرَقْ) بِالْوَقْفِ بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَحَرَكَةِ مَا قَبْلهَا بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (نُظِمْنَ) أَيْ: الْوَرَقُ (فِي خَيْطٍ بِخَطٍّ اتَّسَقْ) أَيْ: انْتَظَمَ (فَكَانَ ذَا النَّظْمُ) بِمَعْنَى الْمَنْظُومِ (الْبَدِيعُ الْعَمَلِ) أَيْ: الْمُوجَدُ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ مَادَّةٍ (تَأْوِيلَ رُؤْيَايَ) الْمَذْكُورَةِ أَيْ: تَعْبِيرَهَا بِمَا تَئُولُ إلَيْهِ (بِسِرِّ الْمُرْسَلِ) أَيْ: بِسَبَبِ سِرِّهِ وَهُوَ مَا يُكْتَمُ وَجَمْعُهُ أَسْرَارٌ وَمِثْلُهُ السَّرِيرَةُ وَجَمْعُهَا سَرَائِرُ وَإِضَافَةُ الْبَدِيعِ لِلْعَمَلِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ لِفَاعِلِهَا نَحْوَ فُلَانٌ بَدِيعُ الشِّعْرِ أَيْ: بَدِيعٌ شِعْرُهُ، وَسَوَّغَ دُخُولَ أَلْ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهَا مُضَافَةٌ دُخُولُهَا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَسَاغَ بِنَاؤُهَا مِنْ أَبْدَعَ مَعَ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِجَعْلِهِ لَازِمًا وَنَقَلَهُ إلَى فَعُلَ بِالضَّمِّ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيّ فِي فَائِقِهِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُرْسَلِ كَالتَّعْبِيرِ الشَّائِعِ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِالرَّسُولِ لَكِنْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ: الرَّسُولُ بَلْ يُقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ أَوْ نَبِيُّ اللَّهِ قَالَ وَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ} [المائدة: 41] إذْ نِدَاؤُهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشْرِيفٌ لَهُ بِأَيِّ خِطَابٍ كَانَ بِخِلَافِ كُلًّا مِنَّا وَالرَّسُولُ إنْسَانٌ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ وَالنَّبِيُّ إنْسَانٌ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ الرَّسُولِ. وَالرِّسَالَةُ أَفْضَلُ مِنْ النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّهَا تُثْمِرُ هِدَايَةَ الْأُمَّةِ، وَالنُّبُوَّةُ قَاصِرَةٌ عَلَى النَّبِيِّ كَالْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ وَعَكَسَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ النُّبُوَّةَ الْوَحْيُ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِاَللَّهِ مِنْ طَرَفَيْهَا وَالرِّسَالَةُ الْأَمْرُ بِالتَّبْلِيغِ لِلْعِبَادِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِاَللَّهِ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهَا وَبِالْعِبَادِ مِنْ الْآخَرِ وَالْمُتَعَلِّقُ بِاَللَّهِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا. وَيُجَابُ بِأَنَّ الرِّسَالَةَ أَخَصُّ مِنْ النُّبُوَّةِ كَمَا أَنَّ الرَّسُولَ أَخَصُّ مِنْ النَّبِيِّ فَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى النُّبُوَّةِ وَزِيَادَةٍ.
(وَرَبُّنَا) أَيْ: مَالِكُنَا (الْمَسْئُولُ فِي النَّفْعِ بِهِ وَ) فِي (جَعْلِ مَنْ يَقْرَأُ مِنْ حِزْبِهِ) أَيْ: جُنْدِهِ (أَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَ النِّيَّةَ لِي فِي نَظْمِهِ وَأَنْ يُزَكِّي) بِسُكُونِ الْيَاءِ بِإِهْمَالِ أَنْ أَيْ: يَمْدَحَ (عَمَلِي) فَيُثِيبَنِي عَلَيْهِ، وَجُمْلَةُ " أَسْأَلُهُ " خَبَرٌ لِرَبُّنَا وَالْمَسْئُولُ خَبَرٌ أَوَّلٌ أَوْ صِفَةٌ لَهُ وَالْجُمْلَتَانِ خَبَرِيَّتَانِ لَفْظًا إنْشَائِيَّتَانِ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِمَا الدُّعَاءُ هَذَا.
(بَابُ الطَّهَارَةِ) بِالْمَاءِ وَهُوَ لُغَةً: مَا يُتَوَصَّلُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ. وَاصْطِلَاحًا: اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْكِتَابِ وَبِالْفَصْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا كَانَ لَك فِي يَوْمٍ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّهُ عَلَى الظَّرْفِ وَمَا بِمَعْنَى الَّذِي يُفِيدُ تَجْوِيزَ الْمَوْصُولِيَّةِ مَعَ النَّصْبِ.
(قَوْلُهُ: يَمِينًا) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ. (قَوْلُهُ: بِالْمَسْجِدِ) لَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِهِ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ وَيَحْتَمِلُ الْحَالِيَّةَ مِنْ الْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ أَوْ مِنْهُمَا وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ تَقْرِيرُ الْمَفْعُولِ الثَّانِي بِنَحْوِ مُقْبِلًا عَلَيَّ. (قَوْلُهُ: سَبْقِ مَادَّةٍ) لِنَظْمِهِ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَ رُؤْيَايَ) يَعْنِي مُؤَوَّلَهَا بِرّ. (قَوْلُهُ: أَيْ: تَعْبِيرَهَا) أَيْ: مَا عَبَّرَتْ الرُّؤْيَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِمَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ) يَعْنِي أَنَّهَا لَمْ تُعَبِّرْ بِعَيْنِ هَذَا النَّظْمِ بَلْ بِشَيْءٍ يَصْدُقُ بِهِ أَوْ يَتَحَقَّقُ بِهِ فِي الْخَارِجِ كَتَأْلِيفٍ فِي الْفِقْهِ سم. (قَوْلُهُ: بِمَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا يَصْدُقُ بِهِ كَتَأْلِيفٍ فِي الْفِقْهِ. (قَوْلُهُ: بِسِرِّ الْمُرْسَلِ) يُمْكِنُ تَفْسِيرُهُ بِحَالٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ يَصْلُحُ لِلتَّوَسُّلِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُكْتَمُ) وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ حَالٌ صَالِحٌ لِلْعَبْدِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِإِفَاضَةِ الْمَطَالِبِ.
(قَوْلُهُ: وَسَاغَ بِنَاؤُهَا مِنْ أَبْدَعَ) فِي الْقَامُوسِ وَبِدَعَ كَفَرِحَ سَمِنَ وَكَمَنَعَ أَنْشَأَهُ كَابْتَدَعَهُ وَالرَّكِيَّةُ اسْتَنْبَطَهَا وَأَبْدَعَ إبْدَاعًا وَالشَّاعِرُ أَتَى بِالْبَدِيعِ اهـ. (قَوْلُهُ: إنْسَانٌ) وَقِيلَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْإِنْسَانِ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ شَرْحِ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ: وَهُوَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ رُسُلِ اللَّهِ وَلَوْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75] وَلَا يُسَمَّى الْمَلَكُ نَبِيًّا اهـ. (قَوْلُهُ: إنْسَانٌ) عَبَّرَ بَعْضُهُمْ بَدَلَهُ بِذَكَرٍ حُرٍّ مِنْ بَنِي آدَمَ. (قَوْلُهُ: بِشَرْعٍ) عُلِمَ بِهِ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِيحَاءِ لَا يَقْتَضِي النُّبُوَّةَ وَإِنَّمَا يَقْتَضِيهَا إيحَاءٌ بِشَرْعٍ وَتَكْلِيفٌ يَخُصُّهُ. (قَوْلُهُ: وَعَكَسَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) وَالْكَلَامُ فِي نُبُوَّةِ الرَّسُولِ مَعَ رِسَالَتِهِ وَإِلَّا فَالرَّسُولُ أَفْضَلُ مِنْ النَّبِيِّ قَطْعًا كَذَا قِيلَ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إذَا صَحَّ النِّزَاعُ فِي هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِشَخْصٍ صَحَّ فِيهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِشَخْصَيْنِ بِأَنْ نَنْظُرَ لِمُجَرَّدِ نُبُوَّةِ وَاحِدٍ مَعَ مُجَرَّدِ رِسَالَةِ آخَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الرِّسَالَةَ أَخَصُّ) فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِاَللَّهِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَيْضًا وَفِيهَا الْوَحْيُ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: أَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَ النِّيَّةَ لِي) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَقَدُّمِ وَضْعِ الْخُطْبَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ دَوَامَ صَلَاحِهَا أَوْ إصْلَاحِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ لِغَرَضٍ مَذْمُومٍ أَوْ يُرِيدُ بِالْإِصْلَاحِ مَعْنَى قَبُولِهَا وَالْإِثَابَةِ عَلَيْهَا أَوْ إصْلَاحَهَا بِالْحِفْظِ وَالتَّرْبِيَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَ النِّيَّةَ لِي إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَسُؤَالُهُ إصْلَاحَ النِّيَّةِ فِي النَّظْمِ يَقْتَضِي سَبْقَ هَذِهِ الْخُطْبَةِ لِلْمَقْصُودِ وَذِكْرُهُ عَدَدَ الْأَبْيَاتِ وَمَا فِيهَا مِنْ الزِّيَادَاتِ وَأَنَّهُ لَا حَشْوَ فِيهَا يَقْتَضِي تَأَخُّرَهَا عَنْهُ وَلَعَلَّ تِلْكَ الْأَبْيَاتَ مُتَأَخِّرَةٌ وَهَذَا مُتَقَدِّمٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِسُكُونِ الْيَاءِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَجُوزُ جَعْلُ يُزَكِّي مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ فَلَا إهْمَالَ اهـ. وَأَقُولُ: يَجُوزُ أَيْضًا جَعْلُهُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَأَعْمَلَ أَنْ لَكِنَّهُ وَصْلٌ بِنِيَّةِ الْوَقْفِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ وَجِيهٌ جِدًّا وَفِيهِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى تَنَاسُبِ الْفِعْلَيْنِ فِي الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ. (قَوْلُهُ: أَسْأَلُهُ) خَبَرُ أَقُولُ أَوْ اسْتِئْنَافٌ سم.
(بَابُ الطَّهَارَةِ) بِالْمَاءِ بِقَرِينَةِ إفْرَادِ التَّيَمُّمِ بِبَابٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْبَابُ. (قَوْلُهُ: مَا يُتَوَصَّلُ إلَخْ) هَذَا يَشْمَلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQنَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ زَيْدٌ أَبْيَضُ الثَّوْبِ سَوَاءٌ كَانَتْ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ كَمَا فِي زَيْدٌ حَسَنُ الْوَجْهِ أَوْ لَا كَمَا فِي زَيْدٌ كَثِيرُ الْإِخْوَانِ أَيْ: مُتَقَوٍّ بِهِمْ وَمِنْهُ مَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْمَنْظُومِ غَرِيبًا. (قَوْلُهُ: مِنْ أَبْدَعَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَى مَا ذَكَرَهُ مَعَ وُجُودِ بَدُعَ كَكَرُمَ بَدَاعَةً وَبُدُوعًا بِمَعْنَى بَلَغَ الْغَايَةَ
[بَابُ الطَّهَارَةِ]
(قَوْلُهُ: مَا يُتَوَصَّلُ إلَخْ) أَيْ: فُرْجَةٌ فِي نَحْوِ