39 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ يُوسُفَ الشَّكَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّيْمِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ بَنِي حَرَامٍ: " جَاوَرَنِي شَابٌّ , فَكُنْتُ إِذَا أَذَّنْتُ لِلصَّلَاةِ وَأَقَمْتُ فَكَأَنَّهُ فِي نَقْرَةِ قَفَايَ , فَإِذَا صَلَّيْتُ صَلَّى ثُمَّ لَبِسَ نَعْلَيْهِ ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ , فَكُنْتُ أَتَمَنَّى أَنْ يُكَلِّمُنِي أَوْ يَسْأَلَنِي حَاجَةً , فَقَالَ لِي ذَاتَ يَوْمٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَكَ مُصْحَفٌ تُعِيرُنِي أَقْرَأُ فِيهِ؟ فَأَخْرَجْتُ إِلَيْهِ مُصْحَفًا فَدَفَعْتُهُ إِلَيْهِ , فَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ: لَيَكُونَنَّ الْيَوْمَ لِي وَلَكَ شَأْنٌ , فَفَقَدْتُهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَلَمْ أَرَهُ يَخْرُجُ فَأَقَمْتُ لِلْمَغْرِبِ فَلَمْ يَخْرُجْ , وَأَقَمْتُ لِعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ , فَسَاءَ ظَنِّي , فَلَمَّا صَلَّيْتُ عِشَاءَ الْآخِرَةِ جِئْتُ إِلَى الدَّارِ الَّتِي هُوَ فِيهَا , فَإِذَا فِيهَا دَلْوٌ وَمِطْهَرَةٌ , وَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ , فَدَفَعْتُ الْبَابَ فَإِذَا بِهِ مَيِّتًا وَالْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ فَأَخَذْتُ الْمُصْحَفَ مِنْ حِجْرِهِ وَاسْتَعَنْتُ بِقَوْمٍ عَلَى حَمْلِهِ حَتَّى وَضَعْنَاهُ عَلَى سَرِيرِهِ , وَبَقِيتُ لَيْلَتِي أُفَكِّرُ مَنْ أُكَلِّمُ حَتَّى يُكَفِّنَهُ , فَأَذَّنْتُ لِلْفَجْرِ بِوَقْتٍ وَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ لِأَرْكَعَ فَإِذَا بِضَوْءٍ فِي الْقِبْلَةِ , فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَإِذَا كَفَنٌ مَلْفُوفٍ فِي الْقِبْلَةِ فَأَخَذْتُهُ , وَحَمِدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ , وَأَدْخَلْتُهُ الْبَيْتَ وَخَرَجْتُ , -[54]- فَأَقَمْتُ الصَّلَاةَ فَلَمَّا سَلَّمْتُ فَإِذَا عَنْ يَمِينِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ وَحَبِيبٌ الْفَارِسِيُّ وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ , فَقُلْتُ لَهُمْ: يَا إِخْوَانِي مَا غَدَا بِكُمْ؟ قَالُوا لِي: مَاتَ فِي جِوَارِكَ اللَّيْلَةَ أَحَدٌ؟ قُلْتُ: مَاتَ شَابٌّ وَكَانَ يُصَلِّي مَعِيَ الصَّلَوَاتِ , فقَالُوا لِي: أَرِنَاهُ , فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ كَشَفَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَبَّلَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ , ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ يَا حَجَّاجُ , إِذَا عُرِفْتَ فِي مَوْضِعٍ تَحَوَّلْتُ مِنْهُ إِلَى مَوْضِعٍ غَيْرِهِ حَتَّى لَا تُعْرَفَ , خُذُوا فِي غُسْلِهِ , وَإِذَا مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمٍ كَفَنٌ , فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: أَنَا أُكَفِّنُهُ , فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ قُلْتُ لَهُمْ: إِنِّي فَكَّرْتُ فِي أَمْرِهِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَقُلْتُ: مَنْ أُكَلِّمُ حَتَّى يُكَفِّنَهُ , فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ فَأَذَّنْتُ ثُمَّ دَخَلْتُ لِأَرْكَعَ فَإِذَا كَفَنٌ مَلْفُوفٌ لَا أَدْرِي مَنْ وَضَعَهُ , فَقَالُوا: يُكَفَّنُ فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ , فَكَفَّنَّاهُ وَأَخْرَجْنَاهُ , فَمَا كِدْنَا نَرْفَعُ جَنَازَتَهُ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ حَضَرَهُ مِنَ الْجَمْعِ "