حَدِيثه وَأما كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل الَّتِي لم يذكر فِيهَا سَبَب الْجرْح ففائدتها التَّوَقُّف فِيمَن جرحوه فَإِن بحثنا عَن حَاله وانزاحت عَنهُ الرِّيبَة؛ حصلت الثِّقَة بِهِ، وَقَبلنَا حَدِيثه، كجماعة فى الصَّحِيحَيْنِ، كَمَا فى إِقْرَار الراوى بِالْوَضْعِ، فَإِنَّهُ وَإِن لم يسع الإعتماد على قَوْله فقد أفادنا التَّوَقُّف فى مرويه، وَقَوله: وَهُوَ أى - الْجرْح إِن صدر منفيا من عَارِف بأسبابه - فِيمَا إِذا اجْتمع فى شخص جرح وتعديل - يقدم لزِيَادَة الْعلم بِهِ، إِذْ الْمعدل يخبر عَمَّا ظهر من حَاله، والجارح يخبر عَن بَاطِن خفى على الْمعدل هَذَا هُوَ الْمُعْتَمد، وَقيل: إِن كَانَ المعدلون أَكثر؛ فالراجح التَّعْدِيل، وَلَو تَعَارضا فى ثُبُوت جارح معِين ونفيه فالترجيح لَا يُمَيّز، قَالَ [/ 68] شَيخنَا " فينبغى أَن لَا يقبل الْجرْح وَالتَّعْدِيل إِلَّا من عدل متيقظ، فَلَا يقبل جرح من أفرط فِيهِ فجرح بِمَا لَا يقتضى رد حَدِيث الْمُحدث، كَمَا لَا تقبل تَزْكِيَة من أَخذ بِمُجَرَّد الظَّاهِر، فَأطلق التَّزْكِيَة وليحذر الْمُتَكَلّم فى هَذَا الْفَنّ من التساهل فى الْجرْح وَالتَّعْدِيل، فَإِنَّهُ إِن عدل ثِقَة بِغَيْر تثبت كَانَ كالمثبت حكما لَيْسَ بِثَابِت ويخشى عَلَيْهِ أَن يدْخل فى زمرة من روى حَدِيثا وَهُوَ يظنّ أَنه كذب " وَإِن جرح بِغَيْر تحرز [قدم على الطعْن] فى مُسلم برِئ من ذَلِك، وَقد وسمه بميسم سوء يبْقى عَلَيْهِ عاره أبدا.
والآفة تدخل فى هَذَا: تَارَة من الْهوى وَالْغَرَض الْفَاسِد، وَكَلَام الْمُتَقَدِّمين سَالم من هَذَا