من كَلَام أَبى دَاوُد أَشْيَاء زَائِدَة على رِوَايَة اللؤلؤى " انْتهى، وَحِينَئِذٍ فَمن احْتج بِمَا سكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد مِمَّا لم يبلغ الصِّحَّة لَيْسَ بجيد لشُمُوله الْحسن، وَكَذَا قَوْله:
[وَفِيهِمَا] إِلَى آخِره إِلَّا أَنه يُوَافق قَوْله فى بعض تصانيفه؛ إِن أَكثر أَئِمَّة الحَدِيث لَا يذكرُونَ بعد الصَّحِيح إِلَّا الْحسن، فَهُوَ عِنْدهم والصالح وَاحِد، نعم: قَوْله أَولا ودونه يدْفع هَذَا، وَحِينَئِذٍ فَيكون اشْتِرَاط الثِّقَة خَاصّا بالْحسنِ لذاته، والاكتفاء بالمستور بالصالح على وَجه اللف والنشر والمرتب، وَقَوله: [وَمن شذوذ قد سلم] يعْنى كلا مِنْهُمَا، ويتأيد بقوله فى بعض تصانيفه، إِنَّه لَو قيل: إِنَّه الحَدِيث الذى فى سَنَده الْمُتَّصِل مَسْتُور، وَهُوَ خَال عَن عِلّة قادحة، لم يكن بَعيدا، قَالَ: وَلَا شكّ أَن من الحَدِيث مَا لم يكن [/ 99] ضَعِيفا بِمرَّة وَلَا حسنا، كَحَدِيث أنس الذى سكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد يرفعهُ: " عَلَيْكُم بالدلجة فَإِن الأَرْض تطوى بِاللَّيْلِ " فَإِن فى سَنَده أَبَا جَعْفَر الرازى واسْمه عبد الله بن ماهان، وَقد تكلم فِيهِ، لكنه غير ضَعِيف بِمرَّة، حَتَّى وَثَّقَهُ بَعضهم، وَهَذَا يقتضى إِفْرَاد نوع متوسط بَين الْحسن والضعيف، قَالَ: وَيشْهد لذَلِك صَنِيع المنذرى فى " اختصاره السّنَن "، فَإِنَّهُ تعقب كثيرا من الْأَحَادِيث من حَيْثُ أَنه سكت عَلَيْهَا، وَلَيْسَت على شَرط الْحسن، فَإِن هَذَا مِمَّا يظْهر نوع الصَّالح، قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَمَا سكت عَلَيْهِ، وَلم يبلغ دَرَجَة الصَّحِيح، فَإِن أقره المنذرى عَلَيْهِ فَهُوَ حسن، وَإِن اعْترض عَلَيْهِ بِمَا لَا يقتضى أَن لَا يكن حسنا فَهُوَ صَالح عِنْده، قلت: وَلَكِن لماذا يأتى مَا قَدمته وَنَحْوه قَول يَعْقُوب بن شيبَة فى بعض الْأَحَادِيث: إِسْنَاده وسط " " لَيْسَ بالثبت "، و " لَا السَّاقِط "، فَهُوَ الصَّالح " انْتهى، قَالَ هُنَا يظْهر أَن كَلَام ابْن الصّلاح: " مَا وَجَدْنَاهُ فى " كتاب أَبى دَاوُد " مَذْكُورا [مُطلقًا] وَلَيْسَ " فى أحد الصَّحِيحَيْنِ "، وَلَا نَص على صِحَّته أحد مِمَّن يُمَيّز بَين الصِّحَّة، وَالْحسن عَرفْنَاهُ بِأَنَّهُ من الْحسن عِنْده ": فِيهِ نظر بِمُقْتَضى اصْطِلَاح أَبى دَاوُد