قال صلى الله عليه وسلم: " في القلب لمَّتان: لمة من الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله سبحانه وليحمد الله، ولمَّة من العدو إيعاد بالشر وتكذيب بالحق، ونهي عن الخير، فمن وجد ذلك فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم تلا قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} (?) [البقرة: 268].

ومن صور رحمته وحبه لعباده أنه - سبحانه وتعالى - قد جعل باب التوبة مفتوحًا أمام الجميع، فلا يُغلقه أمام الإنسان - أي إنسان - إلا في اللحظات الأخيرة من حياته، وعند نزع الروح، وانتهاء فترة الامتحان.

الرسائل السماوية:

ومن دلائل حب الله لعباده كذلك: تلك الرسل التي أرسلها لهم على مر الأزمان، تُذكِّرهم بما خُلِقوا من أجله، وأنهم سوف يعودون إليه شاءوا أم أبَوا ليُحاسبهم عما فعلوه .. يُرغبهم فيها بنعيم الجنة إن هم أطاعوه، ويُنذرهم بالنار ليخافوه ويستقيموا على أمره {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر: 16].

واختار سبحانه وتعالى خير عباده من البشر ليقوموا بتبليغ رسالاته إلى الناس: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].

وأعطى كل رسول من رسله دليل على صدقه فيما جاء به من ربه لكيلا يشك الناس في أمره {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} [هود: 63].

كيف تعامل الناس مع هذه الرسائل؟

كل مره يرسل الله فيها رسالة إلى طائفة من عباده مع رسول من رسله يستجيب القليل لنداء الرسول ويُطيعونه فيما جاء به من ربه، ويمتنع الكثير عن طاعته استجابة منهم للشيطان.

يستمر التكذيب فيمهلهم الله عز وجل لعلهم يستجيبون لدعوته، ويُنقذون أنفسهم من سوء المآل، ولكنهم في الغالب يظلون على عنادهم فيحق عليهم وعيد الله، فيأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 44].

وهكذا تتوالى الرسائل من السماء إلى أهل الأرض أن أفيقوا قبل فوات الأوان .. لا تتبعوا الشيطان {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ} [الشورى: 47].

إذن فجوهر الرسائل كلها هو هداية الناس إلى الله، وإلى صراطه المستقيم، وإنقاذهم من طريق الشيطان.

قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} [المائدة: 44]. وقال تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ} [المائدة: 46].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015