قد يظن البعض أن ما سبق ذكره عن قدرة القرآن على التغيير فيه مبالغة ن ولا يعدو أن يكون كلاما نظريا.
نعم القرآن لديه القدرة الفذة على التغيير الجذري لأي شخص - كائنا من كان - ومن أي نقطة يبدأ منها، واستبداله بشخص آخر عابدا لله عز وجل في كل أموره وأحواله.
ومن فضل الله على هذه الأمة أن جعل القرآن يحدث هذا التغيير في أناس كانوا قبل إسلامهم غاية في الغرابة والجاهلية، فدخلوا إلى مصنع القرآن ومدرسته فخرجوا منه أناسا آخرين تفخر بهم البشرية حتى الآن.
إنها الدفعة الأولى التي تخرجت في مدرسة القرآن وبأعداد كبيرة .. جيل الصحابة.
ومما ساعد القرآن على إحداث هذا التغيير في جيل الصحابة حُسن تعاملهم معه بعد أن فهموا المقصد من نزوله.
ولقد كان أستاذهم وقدوتهم في ذلك محمدا صلى الله عليه وسلم، فلقد عايش رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن بكل كيانه وانصبغت حياته به، فكان قرآنا يمشي على الأرض.
فلقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خُلقه القرآن، يرضى لرضاه ويسخط لسخطه (?).
وجاءت سنته شارحة للقرآن وموضحة له، بل إن الإمام الشافعي عليه رحمة الله يقول بأن كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن (?).