من خلال رحلتنا مع القرآن نبحث عن الآيات التي تتحدث عن نعم الله عز وجل علينا، ونعمل على إحصائها قدر الإمكان، والتعرف على جوانبها المختلفة كنعم الإيجاد والإمداد، والحفظ، والتسخير، والاجتباء والهداية، والثبات، والتوفيق، والأمن، والستر، مثل قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} [النور: 21].
وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} [الملك: 23].
وقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13].
وذلك من خلال تتبع الآيات التي تتحدث عن الرحمة الإلهية وآثارها في الكون والنفس، مثل قوله تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الروم: 50].
وقوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
الله عز وجل وصف نفسه بأنه: القوي، الجبار، شديد العقاب، ذو انتقام، فهو سبحانه يعاقب الظالمين والعاصين، وينتقم منهم .. ولقد أفاض القرآن في الحديث عن مظاهر تلك الصفة سواء كان ذلك على مستوى الأمم أو على مستوى الأفراد.
مثل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102].
وقوله: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165].
فقرنا إلى الله عز وجل فقر ذاتي ومطلق يشمل جميع أسباب ومقومات الحياة، والهداية، والثبات، والتوفيق، والعصمة من الفجور، ولقد تم بيان بعض أوجه الفقر إلى الله بشيء من التفصيل في الفصل الثالث (القرآن والتغيير- محور النفس).
قال تعالى على لسان نبيه إبراهيم: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35].
وقال تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8].
وقال: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك: 30].
كل ما في الكون خاضع لله عز وجل منقاد لإرادته، لا يتحرك متحرك إلا بحول الله وقوته، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فإرادته الكونية غالبة، فعال لما يريد، غالب على أمره، فالعبد يريد شيئا والله يريد شيئا آخر، فلا يحدث إلا ما يريده الله عز وجل.
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران: 6].
وقال تعالى: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الشورى: 12].
وقال عز وجل: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [الأنفال: 44].
تم بفضل الله شرح هذا العنوان في الفصل الثاني (جوانب الهداية في القرآن).