وقُصارى الأمْر أن يثبُتَ عَنْ بَعْضِ الأئمَّةِ أنَّ هذهِ طَريق إلى صحة الحديث، فهذا مما لا يقطَعُ الخلاف، كما نَصوا أنَّ الإرسال طريق إلى ذلِكَ، ولم يمنَعْ ذلكَ مِنْ تحريم رَد المراسيل على المُجْتَهدين، فَهذا هُوَ الكلامُ على الحديث الأوَّلِ، وقد تَبَيَّن بِهِ أن الهادي عليه السلام لم يدَّعِ صحَّتَه ألبتَّةَ.
وأمَّا الحديث الثاني، فإنه عليه السلام رواه عن أبيه، عن جَده، عن أبي بكر بنِ أبي أُوَيسٍ، عنِ الحُسين بنِ عبد الله بن ضُمَيرة، عن أبيه، عن جَدِّه، عن عليٍّ عليه السلام، وفيه وجهان:
الوجهُ الأوَّلُ: أنَّا لا نعْرِفُ عَدالَةَ الحسينِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ ضُميْرةَ، ولا عدالَةَ أبيه، ولا جَدِّه.
فإنْ قُلْتَ: روايةُ الهادي عليه السلام تقتضي عدالتَهُم.
قلتُ: روايةُ العالِمِ لا تدُلُّ على توْثيقِ مَنْ زوَى عَنْهُ على الأصَح المشْهورِ، خلافاً لبعض أصحاب الشافعي، ذكره ابنُ الصَّلاح في كتابه " العلوم " (?)، والإمامُ يحيى بنُ حمزةَ في كتابه " المعيار "، فقد روى الثَّقاتُ العُدولُ مِنَ الصَّحابَةِ والتَّابعينَ عَنْ معاوية، والمغيرةَ، وعمرو بن العاص، وروى عليٌّ بنَ الحسينِ عليه السلامُ عَنْ مَرْوَان بنِ الحَكَمِ، ولم يكن ذلك مِنْهم تعديلاً لِهؤلاءِ، وسيأتي بيانُ من رُوِيَ عنهم في المسألة الثانية إن شاء الله تعالى.