شذوذِ العالِمِ بالاختيار، ما رَسَمْتُ هذِهِ المسألَةَ، وقد تقدَّم ذِكْرُ تَفَرُّدِ عَلِيٍّ عليه السلام بجواز بيع أمِّ الوَلَدِ (?)، وقد ذَكَرَ الأميرُ شمسُ الدِّينِ أنَّ لِعَلِيٍّ عليه السلامُ ما لو يُفْتي بهِ غَيْرُهُ مِنْ أهلِ الأعصارِ المتأخِّرَةِ لنُسِبَ إلى الجَهْلَ.

وقد ذكر السُّبْكي (?) في " طبقاته " ما شذَّ بِهِ كلُّ عالِم مِمَّنْ ذكره، فصارَ جواز الشُّذوذِ مُجْمعَاً عليه لِشُهْرَتِهِ، وَعَدَمِ الِإنكارِ، فَمُحَرِّمُهُ أقربُ إلى مُخَالَفَةِ الإجماعِ منه إلى مُتَابِعِهِ (?)، وَمَنْ عقَدَ الإجماعَ مع مخَالَفَةِ الوَاحدِ، لم يجْعلْهُ إجماعاً قطعياً، ولا أثَّمَ ذلِكَ الواحِدَ.

فإن قُلْتَ: وما المُوجِبُ للشُّذوذ وموافقة الجماهير أولى؟

قلتُ: الموجبُ دليلٌ هو عند المخالِفِ أرجحُ من مُوَافَقَتِهِمْ، وموافَقَتُهُمْ حسَنَةٌ، لكنْ إذا حصل ما هو أحْسَنُ مِنْهَا، كانَ أوْلَى، مثلُ ما إِنَّ العَمَلَ بالحديثِ حَسَن، لكِنْ إذا حصل (?) العَمَلُ بالقرآنِ، وَلَمْ يُمْكِنِ الجَمْعُ، كان أحْسَن.

فإنْ قلْتُ: فكيف يَجُوزُ للعالِمِ مِنْ أهلِ البيتِ عليهمُ السَّلامُ أنْ يُخَالِفَ إجماعَ أهْلِهِ، أو يُخَالِفَ إجماعَ الأمَّةِ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015