قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282].
فإن قلتَ: فما الوجهُ في المساواة بَيْنَ الذكرِ والأنثى، وقد ظهر في الكتابِ والسُّنَّةِ تفضيلُ الرِّجال على النساء.
قلتُ: الوجهُ في ذلك أنَّ الأئمة (?) والعلماء عليهم السلام لم يُساووا بينهما على الإطلاق، فيكونوا قد خالفوا ما فهموا مِن الكتاب والسنة، وإنما سَاوَوْا بينهما في باب الرواية فقط، وسبب مساواتهم بينهما في الرواية أنَّهم فهموا أن عمودَ الرواية هو قوةُ الظن، ومتى قدرنا استواءَ الذكر والأنثى في الضبط والورع، لم يكن خبرُ أحدِهما أقوى في الظن متى كانت أخصَّ بالأمر، والدليلُ على ذلك ما اشتهر من تقديمِ الصحابة لخبر عائشة في الجنابة على خبرِ أبي هريرة (?)، ومِن رجوع الصحابة إلى أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما هُنَّ أخَصُّ به وأعرفُ مِن أمر الحيض، ومباشرةِ الحائض والغسلِ مِن التقاء الختانين، والقبلةِ للصائم، وإصباحِ الصائم جنباً (?) وغيرِ ذلك. فلما فَهِمَ الأئمة والعلماء أن الصحابة اعتبروا قوةَ الظن لم يرجحوا أحد الخبرين المنسوبين (?) في الظَّنِّ، وإن كان أحدُ الراويين أكثرَ علماً وفضلاً، مهما