قلتُ: ظاهر قولِه تعالى: {والكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} يأبى العمومَ، لأنَّ ظاهرَةُ قصرُ الظالمين على الكافرين كما تقَدَّمَ، سلمنا جوازَ أنَّ الظاهر العمومُ دونَ الاشتراك، لكن الاشتراك محتمل غيرُ راجح، فلا يَصْلُحُ الاستدلالُ بها في مسألة قطعية حتى ينتفيَ الاشتراك بقاطع.

فإن قلتَ: هلا قلْتَ: إن قوله تعالى: {والكَافِرُون هُمُ الظَّالِمُونَ} مجاز كقول القائل: العلماءُ هم العاملون مبالغة في أن كل عامل بغير علم فليس بعامل لما يعرض في عمله من الخطأ.

قلتُ: الجوابُ من وجهين.

الأول: أنَّه لا يُعْدَلُ إلى المجاز إلا بدليل، وإنما سألت عن الدليل.

الثاني: أن السَّيِّد ادَّعى أن المسألة قطعية، فلا بُدَّ للسَّيِّد من الدليل القاطع على نفي هذا الاحتمال.

وأما السنةُ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] شقّ ذلك على أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: أيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إيمَانَهُ بِظُلم؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " إنَّه لَيسَ بذَاكَ [إنَّما هُوَ الشِّركُ] ألا تسْمَعُ إلى قَوْلِ لُقْمَانَ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} رواه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015