نزولها، وإما للذم لمن نزلت فيه الآية كما في قوله تعالى: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف: 51] مع أنَّه سبحانه لا يتخذ عَضُداً من المضلين ولا مِن غيرهم، وقد ذكر الزمخشري رحمه الله أن المعنى: وما كنتُ مُتخِذَهُم عضُداً، ولكن ذَكَرَ المضلين للذم (?) وقد حكم في " الكشاف " بمثل هذا في مواضِعَ كثيرة، فكذا يُمْكِنُ أن يكونَ وضع الفاسق في موضع ما هو أعَمُّ منه، كما لو قال: إن جاءكم أحدٌ ليفيد الذم، وتلك الفائدة حاصلة بالعام لو أتى به معروفة، أو وضع الفاسق موضع ما هو أخصُّ منه، وهو الوليدُ (?) ليفيدَ الذم، والفائدة أيضاًً معروفة فتأمَّل ذلك.

فإن قلتَ: ما المانعُ من القول بأن المعنى: وإن لم يأتكم فاسق، فلا تَبَيُّنُوا، وهلاَّ قلت: إن هذا المعنى صحيح، ولا يمنع منه ما في ظاهره من النهي من التبين، لأنَّه لم ينه عنه لأمر يعود عليه في نفسه، ولكن نهى عن طلبه لِحصوله، كأنه قال: وإن جاءكم مسلم، فقد حصل البيان، فلا تطلبوا البيان.

قلتُ: الجواب أنَّه لا يَصِحُّ القطعُ على أن هذا هو المراد لوجهين.

أحدُهما: أنا بينا أن المفهومَ لا يصح أن يكونَ: وإن جاءكم مسلم، وإنما المفهوم وإن لم يأتكم فاسق. ويدل عليه وجوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015