وقولِه في أبياتٍ له:
نِهَايَةُ إقْدَامِ العُقُولِ عِقَالُ ... وَأكْثَرُ سَعْيِ العَالمينَ ضَلاَلُ (?)
وفي معنى البيتينِ الأوَّلَيْنِ قولُ الآخر:
وَكَمْ في البَرِيَّةِ مِنْ عَالِمٍ ... قَوِيِّ الجِدَالِ شَدِيدِ الكَلِمْ
سَعَى في العُلُومِ فلما يُفِدْ ... سِوى عِلْمِهِ أنَّهُ ما عَلِمْ
وهذا مِنْ بَرَكاتِ العِلْمِ وخاتِمَةِ الخيرِ. والله أعلم.
قال: وذكر بعضُ فقهاء الشافعية تعسُّرَ الاجتهادِ حتى قال: وقد كانوا يرون أن درجة الاجتهاد في زمانهم مفقودة، يعني أصحاب الشافعي المتقدِّمين، وذكر منهم القَفَّالَ، وأبا حامدٍ الإسفَراييني، وأبا إسحاقَ الإِسفراييني، وأبا إسحاق المروزي، والجُويني قال: وقال الرافعيُّ: القومُ كالمجمعين على أنَّه لا مجتهدَ اليومَ، وحُكِيَ عن المحاملي أنَّه قال: ما أعلمُ على وجهِ الأرض مجتهداً. زادنا اللهُ هدى، وجعلنا ممن يتجنَّبُ الرَّدى، ولا يُزكِّي على الله أحداً، كما جاء في الحديث مسنداً.
أقول: هذه الروايات عن بعض أصحابِ الشافعي قد جعلها السَّيدُ لِكلامه تماماً، ولاحتجاجه ختاماً، وقد استملح هذه الحكاياتِ، واستروح إلى هذه الرواياتِ حِرصاً على توعيرِ مسالك العلمِ، وسدِّ أبوابِ