وقد عقد الحاكم (?) رحمه الله فصلاً في فضل أبي حنيفة وعلمِه، وذكر أنَّه حاز ثلاثةَ أرباع العلم، وشارك الناسَ في الرُّبْعِ الآخر، فينبغي من السَّيِّد -أيده الله- مطالعة كتب الرجال، والنظر في تراجم هذين البحرين الزاخرين والإمامين الكبيريِن، فقد أودع العُلَمَاءُ في كتب الرِّجال من مناقبهما ما يشفي العليلَ، وَيرْوِي الغليلَ، بل قد صنف أئمةُ هذا العلمِ كتباً مستقِلَّة مفردة لتعريف فضائلهما، وذكرِ سَعة علومهما، وسائرِ ما فيهما (?) مثل كتاب " شقائِقِ النعمان في مناقب النُّعمان " (?) وكتاب " الزخرف القصري في مناقب الحسن البصري " (?).
ولو كان الإمام أبو حنيفة جاهلاً، ومن حِلْيةِ العلم عاطلاً، ما تطابقت جِبَالُ العلم من الحنفية، وشيوخِ الاعتزال كأبي عليٍّ، وأبي هاشمٍ، ومَن في طبقتهما مِن الأكابر، والقاضي أبي يوسُف، ومحمد بن الحسن الشَّيْباني، والطحاويِّ، وأبي الحسن الكَرْخيِّ، وأبي الحُسين البَصْري والعلامة الزَّمخْشَري وأمثالِهم وأضعافِهم على الاشتغال بمذهبه، والاعتزاءِ (?) إليه، وعدمِ الإنكار على منْ أفتى أو حكم به، فعلماءُ الطائفة الحنفية في الهند، والشَّامِ، ومِصْر، والعِرَاقيْنِ، واليمن، والجزيرة،