كان يروي عن المُضَعَّفِينَ، وما ذاك إلاَّ لِقلةِ علمه بالحديث.
أقول: قد شَرَعَ السيدُ -أيَّده الله- يُشَكِّكُ في علم هذين الإمامينِ الكبيرين، والعَلَمَيْنِ الشَّهيرين رضي الله عنهما، وقد استروح السيدُ -أيَّده الله- إلى إسناد ذلك إلى الغزالي، وليس له في ذلك نَفَسٌ، لأنَّه أورده محتجَّاً به، مقرراً له، ولو كان عنده باطلاً، لم يَحْسُنْ منه الاحتجاج بما يعلم أنه باطل، ولوجبَ عليه أن يُشِمَّنَا رائحةَ الاستنكار لذلِك.
والجواب عليهِ -أيَّده الله- أن نقول: لا يخلُو إمَّا أن يُنكر السيدُ صدورَ الفتوى عنهما رضيَ الله عنهما، وينْكِرَ نقلَ الخلف والسلف لمذاهبهما في الفقه وخلافهما في العلم (?)، أو يُقرَّ بذلِكَ. إن أنكره، أنكر الضرورةَ، ولم يكن لمكالمته في ذلك صورة، وإن لم يُنكره، فهو يَدُلُّ على اجتهادِهما.
ولنا في الاستدلال به على ذلك مسالك:
المسلك الأول: أنَّه ثبت بالتواتُرِ فضلُهما وورعُهما وعدالتُهما وأمانتُهما، ولو أفتيا بغيرِ علم وتأهَّلا لذلك، وَلَيْسا لهُ بأهلٍ، لكان جرحاً في عدالتهما، وقدحاً في دِيانتهما، ووصماً في عقلهما ومُروءتهما، لأن تعاطيَ الإنسان لما لا يُحْسِنُه، ودعواه لما لا يعلمه مِن عادات السُّفهاء، ومَنْ لا حياءَ له، ولا مُروءةَ مِن أهل الخِسَّة والدَّناءة، ووجوه مناقبهما مصونةٌ عن ابتذالِها، وتسويدِها بهذه الوَصْمة الشنيعة.