ويدل على بُطلانِ ذلك الكلام على ابنِ أبي الحديد أن صاحبَه روى عن أبي حنيفةَ جَرْح جَمَاعةٍ مِن الصحابة كأبي هريرة، ونحن نرى أبا حنيفة يحتجُّ بأحاديثهم (?) كما هو معروف في " مسنده " وكُتُبِ فقهه، وفِقه أصحابه.
ؤكذلك حديثُ أبي هُريرة متلقى بالقبولِ بينَ فِرَقِ الأمَّةِ.
أما الفقهاء وأهلُ الحديث، فمعلومٌ ذلك عنهم ضرورةً، وكذلك التابعون، فإنَّ الرواةَ عنه منهم بلغوا ثماني مئة، ولم تُنْكَرْ عليهم الرِّوايةُ عنه مع هذه الشُّهْرَةِ العظيمةِ.
وأما المعتزلة، فهم راجعون إلى الفقهاء، فإنهم شافعية وحنفية، والمنقولُ عنهم عدالة الصَّحابة إِلَّا مَنْ حاربَ عليّاً عليه السَّلامُ، ومن حارب متأولاً، قَبِلُوه، وإن فسَّقوه أيضاًً، أو أكثرهم كما مضى، وكما يأتي في مسألة المتأولين مِن دعوى كثير منهم الإجماعَ على ذلك، وأبو هريرة لم يكن مِن محاربي علي عليه السلامُ بالإجماع.
وأما الشيعة فهؤلاءِ مُحدِّثوهم يَرْوونَ حديثَ أبي هُريرة كالحاكم في " المستدرك "، والنسائي في " السنن "، وكُلّ مَنْ روى الحديثَ منهم حتى محمد ابن منصور المرادي (?) في كتابه " علوم آل محمد" خرَّج حديثَه، واحتج به فيه،