لا يُصدقهم إلا بعدَ الاستحلاف، فما حالُ غيره؟ وأمَّا معاذ، فإنَّما لم يلزمه سؤالُ غيرِهِ حيث لم يَجِد النُّصوصَ لبُعْده عنهم، وغيبتهم عنه، كما لم يلزمه الرجوع إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لذلك، فلا شك أنّ الحكم بالرأي في بلدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِن غير سؤال لا يجوزُ، لأنَّ الحاكم به واجد للنصِّ كالمتيمِّم، والماءُ معه في البلد لا يجزيه، لأن الماءَ معه.
وثانيهما: أنَّهم كانوا يسمعون من النبي - صلى الله عليه وسلم - الشيءَ ثم ينسونه، وذلك ظاهر لوجهين:
أحدهما: أنَّ مثل ذلك معلوم من أحوال البشر، فإنَّ منْ سَمِعَ الشيءَ، ولم يُلَاحِظْهُ بالدرس والمعاهدة يَعْرِضُ له النسيانُ، وتَطَرَّق إليه الشَّكُّ.
وثانيهما: أنَّه قد ثبت عنهم ذلك، فعن طلحة أنَّه سُئل عن السبب في قِلة روايته، فقال ما معناه: إنّي قد جالستُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كما جالسوه، وسمعتُ منه كما سمعوا منه، ولكنِّي سمعتُهُ يقول: " منْ كَذبَ عَلَيَّ مُتعَمِّداً فَلْيتَبوَّأ مقْعَدَهُ منَ النَّارِ " (?).
وعن أبي عمرو الشَّيباني، قال: كنتُ أجلِسُ إلى ابن مسعود حولاً لا يقولُ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استقلَّته الرِّعدةُ، وقال: هكذا، أو نحو ذا، أو قريب من ذا، أو قلت. يعني